واحدة من الجمل المحبطة التي يسمعها الطلاب الباحثون في بداية مشوارهم الأكاديمي وعند نيتهم بتجهيز أطروحة الدكتوراه أو الماجستير، هي “اختر موضوع البحث، وابدأ الكتابة عنه”، وهنا يواجه الطالب العثرة الأولى في مشواره الأكاديمي، حيث يغرق في محيط من الموضوعات العلمية المختلفة والمتشعبة وخاصة عندما يترك المشرف الخيار مفتوحاً أمام طالبه لينتقي موضوع بحث واحد من بين بليارات المواضيع البحثية ذات الصلة باختصاصه، والذي من شأنه أن يستهلك الكثير من جهد ووقت الطالب حتى يتمكن من انتقاء الموضوع الذي يرضي مشرفه بالدرجة الأولى، ويوافق اهتماماته العلمية وشغفه الأكاديمي والإمكانيات المتوفرة في بلاده وجامعته. لذا سنقدم لك عزيزي القارئ عبر هذا المقال خطوات منهجية، واقتراحات بناءة تساعدك في اختيار موضوع بحثك وتأخذ بيدك في المراحل والخطوات الأولى من تخطيط بحثك.

أهمية اختيار موضوع البحث

تعد عملية اختيار موضوع البحث، الخطوة الأولى والأكثر تحدياً في مرحلة البحث نحو الماجستير أو الدكتوراه، وهي جزء واضح وحتمي من تصميم البحث، حيث يوصى دائماً باختيار الموضوعات التي ترتبط ارتباطاً وثيقاً باهتماماتك الفكرية وخبراتك الشخصية ومجالات البحث المفضلة لديك، هذا ما يساعدك على البقاء متحمساً لمتابعة بحثك باهتمام وشغف لإكمال أطروحتك بجودة علمية عالية، كما سيساعدك ذلك في تحديد وصياغة سؤال البحث الخاص بك، كما سينعكس ذلك إيجاباً على مجال عملك واهتماماتك الشخصية والوصول إلى البيانات التي تحتاجها. حيث يُعرَّف اختيار موضوع البحث على أنه الاختيار النهائي لمشكلة أو موضوع البحث، حيث تمثل مشكلة البحث الظاهرة أو القضية أو المسألة التي تحتاج إلى توضيح أو تفسير أو الحصول على إجابات معينة.

صفات موضوع البحث الناجح

نجاح الموضوع هو شرط أساسي لنجاح البحث، ويجب أن يعتمد الباحث الناجح على اختيار موضوع ناجح..إذاً فما هي ميزات الموضوع الناجح؟

1-يرتكز على أطر نظرية ( توفر دراسات مرجعية يمكن الاستناد عليها)

2-يعتمد على الأبحاث القديمة، لكنه يقدم أيضاً قيمة مضافة ومزايا جديدة

3-لديه القدرة على اقتراح اتجاهات للبحث في المستقبل

4-يعالج بشكل مباشر أو غير مباشر بعض المشاكل الحقيقية في العالم

5-يأخذ القضايا الأخلاقية بعين الاعتبار

6-يحدد بوضوح المتغيرات أو التركيبات التي يجب فحصها

خطوات اختيار موضوع البحث

ضع في حسبانك عدم الإفراط في الطموح عند اختيار موضوع البحث، حيث يجب أن يكون السؤال الهائل الذي يشغل عقلك قابلاً للتنفيذ والبحث، لذلك يجب على الباحث أن يأخذ في اعتباره المتغيرات التي تحد من البحث عن طريق الإجابة عن الأسئلة التالية:

هل لدي المهارات اللازمة لإنجاز هذه الدراسة؟

هل يمكن الوصول إلى أدوات البحث والمشاركين لإكمال هذه الدراسة؟

هل لدي الموارد والوثائق اللازمة للحصول على البيانات ذات الصلة؟

هل أنا قادر مالياً على إنجاز عملي؟

هل الوقت المحدد كافٍ لإنهاء جميع خطوات البحث؟

هل يوجد مهنيون جاهزون لتقديم المساعدة والنصيحة في سياق بحثي؟

ثم يقوم بعد ذلك باتباع الخطوات التالية :

1-الخطوة الأولى أو ربما الأسهل هي إجراء جلسة عصف ذهني لمعرفة الموضوع الأفضل بالنسبة لك، من الأفضل أن تجد شيئاً يثير اهتمامك، انظر إلى ما يجري في الأخبار واكتشف ما إذا كان هناك أي شيء يثير فيك تفكيراً إبداعياً، ثم قم بعمل قائمة طويلة من الخيارات الممكنة وابدأ عملية الاختيار.

2-اختر موضوعاً: ابدأ باختيار موضوع واسع جداً وكلما كان الانتشار أكثر كان ذلك أفضل، هناك خطأ شائع يمكن أن يرتكبه الطلاب وهو أن يكونوا أكثر تحديداً في المراحل المبكرة للبحث.

3-احصل على تفاصيل فائقة: بمجرد أن يكون لديك موضوع واسع، فإن الخطوة التالية هي أن تكون محدداً للغاية. الفكرة هي الحصول على فكرتك العامة ثم استخراج جانب معين من هذا الموضوع، بعد ذلك عليك أن تأخذ هذا الجانب وتجعله أكثر تحديداً.

4-حدد موضوعك على شكل سؤال: بمجرد أن يكون لديك موضوع معين، فأنت الآن بحاجة إلى تحديده على شكل سؤال ليساعدك في سياق ورقتك البحثية.

5-ابحث عن موضوعك أكثر/ أنشئ مخططاً تفصيلياً: في هذه المرحلة لديك ورقة تنتظر كتابتها، كل ما عليك فعله الآن هو إجراء بعض البحث المتعمق حول جوانب محددة من ورقتك، وإنشاء مخطط لما تريد أن تقوله ورقتك (اكتب إجابة من جملتين لسؤال الموضوع المحدد)

وبذلك يكون قد اكتمل الجزء الأصعب من المشوار الأكاديمي في خمس خطوات فقط، وتبلور موضوع البحث الخاص بك وكل ما عليك هو كتابته.

نصائح تساعدك في توليد أفكار لموضوع بحثك

1-قم بمراجعة الأدبيات لتحديد ما هو معروف وما هو غير معروف، والمجالات التي تحتاج إلى بحث إضافي.

2-انظر بعناية للتوصيات الخاصة بالبحث المستقبلي المرفقة مع أطروحات زملائك السابقة، وقيود أقسام الأطروحات ومقالات المراجعة المنشورة في المجلات العلمية. أفضل المجلات العلمية

3-ابحث على الانترنت، ولكن كن حذراً، فليس كل موقع ويب موثوق وآمن، حاول تجنب المواقع غير الموثوق بها. أهم المصادر العالمية للمقالات العلمية

4-قم ببناء شبكة أكاديمية داخل وخارج الجامعة، حيث لا يجب أن يكون اختيار موضوع البحث جهد فردي، حيث يمكن للباحث التفاعل مع زملائه الطلاب وأساتذته الجامعيين وكبار الباحثين في الهيئات البحثية والمدرسين الذين يمكنهم إطلاق الأفكار المبتكرة، وقم بزيارة المراكز البحثية القريبة من كليتك أو من مكان سكنك إن أمكنك ذلك، للتعرف على ما يفعله الباحثون الآخرون وآخر ما توصلوا له. أهم مراكز ووحدات البحث و منصات التواصل الأكاديمية.

5-احضر أكبر عدد من مناقشات الدفاع عن الأطروحة، فهذا قد يفتح عينيك على مواضيع محتملة

6-تحقق من مجالات الدفع للبحث على مواقع الويب الخاصة بالجامعات المعنية والإدارات الوزارية ذات الصلة ووكالات التمويل الدولية، ليكون لديك فرصة أفضل للفوز بمنحة دراسية ممولة بالكامل أو منحة لتمويل المشاريع.

7-حاول اكتشاف مشاكل الصناعات ذات الأهمية لإيجاد حلول للمشاكل، يمكن أن تربح بشكل كامل البحوث الممولة من الصناعة

8-تنظيم بعض جلسات العصف الذهني في مجموعة من 4-6 أشخاص من أهل العلم لتوليد الأفكار الخلاقة.

9-قد تنشأ فكرة بحث جديدة من ظروف معينة أو مواقف في العالم، فمثلاً خلق الوضع الحالي بسبب COVID-19 فرصاً للبحث في الجوانب الميكروبيولوجية والوقائية والاجتماعية والاقتصادية للجائحة.

10-يمكن استخدام الخارطة الذهنية لتنظيم الأفكار بصرياً، حيث يمكن وضع الفكرة المركزية في وسط المخطط، بينما تتم إضافة الأفكار ذات الصلة إليها بطريقة شعاعية.

11-ناقش أفكارك مع مشرف متخصص في مرحلة مبكرة، بحيث يكون قادر على مساعدتك في انتقاء موضوع البحث الأفضل والأكثر تميزاً، كما يقدم لك المشورة بشأن كتابة المقترح البحثي الخاص بك، حيث سيكون لمشرفك الخبرة لتوجيه اختيارك لموضوع البحث وتقديم أفكار المقترح البحثي الخاص بك.

مصادر يمكن أن تساعدك في تطوير موضوع بحثك

يمكن أن يكون مشرفك، وملاحظاتك المدونة خلال الفصول الدراسية، وويكيبيديا وغوغل كلها خيارات مفيدة للحصول على أفكار لموضوعات بحثية واسعة ومتنوعة، بالإضافة للمواقع أدناه:

A Research Guide for a particular subject

Credo Reference Unlimited

CQ Researcher

حيث يمكن أن تساعدك المواقع السابقة على ابتكار أفكار للموضوعات البحثية، لأنها توفر لمحات عامة ومقدمات رائعة لمواضيع بحثية، ربما لن تكون مصادر علمية يمكنك استخدامها في ورقتك البحثية، ولكنها قد تقودك إلى المزيد من الموارد العلمية المتعمقة التي قد ترغب في استخدامها في ورقتك البحثية.

أخيراً… مسألة اختيار موضوع البحث ليست بالأمر السهل عزيزي الباحث، لذا احرص دوماً على اختيار موضوع جديد وغير مطروق، يستثير شغفك بالدرجة الأولى، ويلائم إمكانياتك، وحاول أن تدرس جميع جوانبه من حيث إمكانية التطبيق وتوفر المشرفين العلميين المتخصصين وذوي الخبرة لتتمكن من إنجاز بحثك بالجودة والأصالة العلميتان وضمن الوقت المحدد، آملين أن يساعدك هذا المقال في تجاوز صعوبات هذه المرحلة ويختصر عليك وقت وجهد البحث عن موضوع بحثك.