من بين أنماط التفكير الكثيرة التي قد نعتمدها في حياتنا، يعد التفكير الملموس (أو المادي) أول ما يستخدمه الإنسان؛ فالطفل الصغير لا يعرف إلا التفكير من خلاله قبل أن يبدأ بتطوير قدرات عقلية تخوله لاستخدام الأنماط الأخرى.

تعريف التفكير الملموس

التفكير الملوس أو كما قد يسميه البعض التفكير الحرفي أو المادي هو تناول الواقع بعين الحواس دون أي إضافات أو اعتبار لكون مفاهيم هذا الواقع قد تكون جزء من مفاهيم أكبر أو تأخذ معان متعددة؛ بل يفهمها في إطار التفسيرات الدقيقة للمعطيات المادية الملموسة الموجودة التي حصل عليها من خلال الحواس .
غالباً ما يذكر في سياق الحديث عن النمط المعاكس له: التفكير التجريدي حيث أن التفكير الملوس قد يكون الخطوة الأولى في سبيل التفكير التجريدي حيث نفهم أولاً المعنى الحرفي الدقيق للموضوع ثم نعمم أو نوثق بإطارات مختلفة.
على سبيل المثال، إذا أخذنا الطعام: التفكير الملوس يشرح لنا نوع الطعام ولونه وكميته، التفكير التجريدي يوضح لنا أهمية الطعام وفائدته لجسدنا وإلام سيتحول بعد أن يهضم.

صفاته

إن اتباع هذا النمط من التفكير يكسب الشخص الصفات التالية:
• يظهر كفاءة أكبر في العمل خصوصاً إذا كان أساس هذا العمل تطبيق متكرر لمهارة معينة.
• يمكنه العمل بشكل مستقل دون الحاجة لخوض النقاشات ضمن الفريق طالما خطة العمل والتعليمات معه
• بارع في عزل أدائه عن المشاعر فلا تؤثر مشاعره على طبيعة أدائه.

فوائد التفكير الملموس

رغم أنه للوهلة الأولى قد يبدو مقيد لنا ولكن له أهميته في حالات معينة فهو مثلاً يساعد على فهم وتحليل التجارب الصادمة التي يمر بها الشخص حيث أن قسم من العلاج النفسي للصدمات يكون بالاعتماد على التفكير الملموس وتحليل الأحداث الكبيرة الصادمة لأفكار فرعية مادية\ملموسة، وبالتالي يمكِّن الشخص من التعامل بشكل أفضل مع الظروف في حال تكرارها.
كما أنه يقلل من التوتر ويجنبك التفكير الزائد بالامور الذي غالبا ما يأخذك حد الوصول لنتائج خاطئة أو غير منطقية.

كيف نتعامل معه

إن أخذ الأمور بمعناها الحرفي قد يجعل الشخص عاجز عن فهم المعنى السياقي فهو لن ينتبه لنبرة الصوت أو تعابير الوجه أو لغة الجسد التي تم استخدامها؛ سيكون أقل قدرة على إظهار التعاطف تجاه ما يشعر به من حوله وما يحتاجونه.
عند التعامل مع هؤلاء الأشخاص قد يفديك اتباع الآتي:
• كن محدداً لما تطلبه قدر الإمكان.
• تجنب التعابير المجازية والاستعارات والتشابيه.
• لا تستخدم الدعابات والتكهمات كثيراً.
• قد يفيدك الاستعانة بالصور والرسومات باعتبارها أشياء مادية تساعد الشخص ذي التفكير الملموس في استيعاب الفكرة.

إن طريقة تعامل عقولنا مع الأفكار والأحداث قد لا تندرج تحت نمط واحد من التفكير بل إننا نعتمد طيف واسع منها؛ والناجح بيننا هو الذي يستطيع تحديد النمط المناسب للموقف الذي وجد نفسه فيه.