تعودنا في LookinMENAكل عام أن نستعرض طريقة أو أسلوب أو مجموعة نصائح نتوجه بها لطلاب الثانوية المقبلين على حياتهم الجامعية لمساعدتهم في اختيار التخصص المناسب لهم.
من المعروف أن اختيار التخصص بالنسبة للطلاب ليس بالأمر السهل، كل الدوائر الاجتماعية من حول الطالب ستدلو بدلوها في هذا الأمر، وسيتلقى الطالب نصائح عن اختيار التخصص المناسب من كل من هب ودب محاولًا نصحه بتجنب التخصص الفلاني والابتعاد عن هذا واختيار ذاك.
وفي الغالب من كل هذا المزيج من الإرشادات والنصائح التي ستصل الطالب خلال هذه الفترة لن يتوصل إلى نتيجة مقنعة، ولو أخذ بالنصائح لن يجد أخيرًا تخصصًا لدراسته.
لذا إن كنت من الطلاب المتخرجين مؤخرًا من الثانوية وفي طريقك إلى حياتك الجامعية المنشودة، حتمًا سمعت الكثير حول اختيار التخصص وما هو الخيار الأنسب، ولماذا عليك اختيار هذا دون ذاك.
لذا لا أسعى لتعقيد الأمر عليك أكثر أو زيادة الطين بلة، كل ما يمكنني نصحك به هو أن تتابع القراءة في السطور التالية.
إن كنت مللت مما سمعته من الناس حولك عن التخصصات والطريقة المثلى لاختيار التخصص اعتبر كلامي هنا دردشة خفيفة، نقاش مسائي لطيف بينما نتسكع في حديقة الحي، أو إن أردت اعتبره لا شيء البتة، ولكن تحملني قليلًا وتابع القراءة.
قبل أن أبدأ بالسرد، من الجدير بالذكر أن غالبية ما سـ آتي على ذكره هنا هو مبني بشكل أو بآخر على سلسلة تغريدات للدكتور والمؤلف أمجد الجنباز، كان نشرها في وقت سابق على حسابه على تويتر، بالإضافة إلى أنه يمتلك كتابًا متخصصًا في أساليب اختيار التخصص الدراسي منشور بعنوان “ثاني لفة يمين”
تأتيني الكثير من الأسئلة حول اختيار التخصص.
فقد سبق لي ومررت بتجربة اختيار تخصص خاطئة تسببت في النهاية لخسارتي ١٤ سنة في الطريق الخطأ (٥ سنوات دراسة بكالوريوس طب أسنان + ٤ ماجستير + ٥ عمل فيه)
تحت هذا الثريد سأذكر أهم ما عليك معرفته عن اختيار التخصص
— Amjad AlJenbaz (@dramjadj) February 15, 2019
بعض الأساليب الشائعة لاختيار التخصص المناسب
“تخصص يدر ذهبًا”
في عدد من البلدان العربية ومنها سوريا نستخدم مصطلح “تدر ذهبًا” كناية عن الأمر الذي يحقق لنا الكثير من الأموال، لذلك الكثيرين يستخدمون هذا المصطلح للإشارة إلى التخصصات التي يكون عليها طلبًا عاليًا في سوق العمل.
إذ يقوم أحدهم بنصح الطالب باختيار تخصص ما مدعيًا أن هذا التخصص عليه طلبًا عاليًا في سوق العمل، وفي حال درسه سيحقق من وراءه أموالًا طائلة.
ناهيك عن أن هذا الشخص في الغالب لا يفقه شيء عن الأحوال الاقتصادية في بلده، ولا يعرف ما الذي يجري تمامًا في اقتصاد البلد الذي يقطنه، ولم يطلع في حياته على إحصائية واحدة تخص أسواق العمل ليعرف بشكل صحيح ما هي التخصصات التي يحتاجها سوق العمل فعلًا.
سيدرس الطالب هذا التخصص، والذي على حد وصف أحدهم سيحقق من وراءه أموال قارون بسبب حاجة سوق العمل له، إلا أن الطالب سيحتاج إلى 5 سنوات لدراسة التخصص، وعدة سنوات أخرى في التدرب واكتساب بعض الخبرة ريثما يحصل على فرصة عمل مناسبة، وعندها على الأغلب سيكون سوق العمل تغير وتغيرت متطلباته وحاجاته. وهذا إن افترضنا أن الطالب فعلًا سينجح في هذا التخصص.
لذا، غالبًا ما يكون هذا الأسلوب فاشل تمامًا في اختيار التخصص المناسب للطالب.
“اتبع شغفك”
واحدة من أسوأ النصائح التي يمكن أن توجه لطالب لم يبدأ حياته بشكل عملي بعد، ولم يخض أية تجربة فعلية تمكنه من التعرف على شغفه الحقيقي، غالبًا طلاب الثانوية الذين يتحدثون عن شغفهم تجاه تخصص ما ليس لديهم أدنى فكرة عن هذا التخصص وطبيعة العمل فيه وما الذي يعنيه أن تعمل في هذا المجال.
في حديث TEDX التالي، يتحدث طالب سابق عن خياراته في التخصص واختيار المسار المناسب له، وكيف قاده ذلك إلى إنشاء مؤسسة متخصصة في المسارات المهنية والأكاديمية والآليات الصحيحة لاختيارها. (يمكنك تشغيل الترجمة العربية للمقطع).
يذكر المتحدث أنه في استبيان أجري على نحو 500 طالبًا من المرحلة الثانوية تم سؤالهم عن التخصص الذي لديهم شغف تجاهه، بينت النتائج أن 90% من الطلاب يتركز شغفهم في تخصصات الفنون والرياضة. وهذا على الرغم من أن الوظائف المهنية في تخصصات الفنون والرياضة لا تشكل إلا 3% فقط من إجمالي وظائف أسواق العمل حول العالم.
وبالتالي فإن اختيار التخصص بناءً على شغف الطالب غالبًا سيكون خيارًا سيئًا، واحتمالية الفشل أخيرًا هي الغالبة. فرؤية الطالب لطبيب يرتدي مريولًا أبيضًا يتجول في أروقة المشفى ستكوّن لديه شغفًا وهميًا تجاه التخصص في الطب، أو رؤية كابتن طيران يجول العالم بلباسه الأنيق بالتأكيد ستجعل الطالب يكوّن شغفًا زائفًا تجاه هذه المهنة، ودون معرفة أية تفاصيل عن طبيعة العمل بهذا التخصص وما يمكن أن تتضمنه من مصاعب وتحديات.
“رسالتك في الحياة”
من الممكن أن يجد الطالب في هذه المرحلة نصائح من قبيل أن عليه اختيار التخصص بناءً على رسالته بالحياة، دون الوعي بأن شخص في عمر الـ 17 عامًا حتمًا ليس لديه التجربة الحياتية والمعيشية الكافية التي تمكنه من بناء رسالته الصحيحة في الحياة.
رسالة الشخص في الحياة تتكون بناءً على سلسلة من التجارب التي نعايشها، ومواقف وظروف حياتية مختلفة نختبرها بمرور الوقت حتى نتمكن من بناء رسالة صحيحة نستمر عليها ونعيش وفقها. وإلا فإنه من الصعب على شخص للتو أنهى دراسته الثانوية أن يختار تخصصًا لمستقبله المهني بناء على رسالته في الحياة التي كان وضعها بناءً على عبارة أو نصيحة سمعها من هنا أو هناك، دون أية مواقف أو تجارب حياتية فعلية.
لذلك أرجوك تجاوز هذه النصيحة وإياك اختيار تخصصك بناءً عليها.
“تخصص بناءً على رغبة الأهل”
في الغالب ينصح وربما يفرض الأهل على أبناءهم تخصصًا ما بناءً على تجاربهم هم التي كانت في وقت سابق “ربما منذ عشرات السنين” لذلك غالبًا ما تكون نصائح في غير محلها وغير مناسبة لظروف وزمان وحال الأبن.
هذا بالإضافة إلى أنه دائمًا ما يقوم الأهل بتحديد المسار الدراسي للأبن بناءً على نظرة المجتمع وآراءه، حيث يقدس الأطباء والمهندسين ويعلي من مكانتهم بداعي وبلا داعي، في الوقت نفسه نجد ذات المجتمع يشتم ويشهر بالأطباء والمهندسين الفاشلين منهم ويعلق عليهم كافة كوارث ومصائب المجتمع، وكأنهم يضمنون لابنهم أن يكون طبيبًا أو مهندسًا ناجحًا في حال درس هذا التخصص، ولا احتمالية لأن يكون طبيبًا فاشلًا.
إذن كيف تختار تخصصك؟
بحسب الكتاب “ثاني لفة يمين” الذي أشرنا له في بداية المقال، أن أفضل وسيلة لاختيار الطالب لتخصصه المناسب أن يكون الاختيار وفقًا لمعياريين رئيسيين اثنين.
المعيار الأول هو مدى قدرتك على ممارسة هذا التخصص، صحيح أنه ليس من السهل أن تعرف مدى قدرتك على ممارسة تخصص ما دونًا عن غيره ولكن الأمر ليس بالمستحيل، هناك العديد من الاختبارات النفسية والذهنية التي يمكنها أن تزودك بتقارير مفصلة عن شخصيتك ونقاط تميزك وما هي الأمور الأنسب لك، وبعضها متاح بشكل إلكتروني ومجاني تمامًا، سنتعرف لبعضها بعد قليل.
راجع بعض مواقف حياتك، تذكر ما هي الأشياء التي تتميز فيها وتتقنها على أكمل وجه، وبالتالي يمكن العمل فيها بطريقة جيدة، هذه يمكن أن تساعدك في التوصل إلى التخصص المناسب أو على الأقل حصر الأمر في عدد من التخصصات المحددة.
للأسف وعلى عكس ما يعتقد الكثيرون فإن القدرة ليست بالشيء الذي يمكن تعلمه غالبًا، هي جزء عن الموهبة التي يتم تنميتها وصقلها بالتمرن والممارسة بمرور الوقت.
المعيار الثاني الذي يجب أخذه بالاعتبار عند اختيار التخصص هو المتعة، ما هي الأمور التي تشعر بمتعة ولذة عندما تنفذها، وما هي المجالات التي لا تمل من العمل فيها أو عليها. للأسف أيضًا ليس من السهل على الطالب أن يتوصل لمعرفة هذه التفاصيل، إذ لا يمكن للشخص معرفة المجالات التي يستمتع بها إلا بعد تجربتها، وفي الغالب طالب الثانوية لا يملك من التجربة الكثير ليعرف هذا الأمر.
كطالب ثانوية مقبل على حياته الجامعية، إن تمكنت من اكتشاف جوانب شخصيتك من هذا المنطلق ومعرفة أين تكمن قدراتك وفي أي التخصصات والمجالات وأين تجد المتعة، ستتمكن من التوصل إلى الخيار الأنسب لاختيار التخصص.
اكتشف ميولك
كما قلنا فأنه ليس من السهل أن تعرف مدى قدرتك على ممارسة مجال ما وإذا ما كنت فعلًا تستمتع به أم لا، ولكن لتسهيل الأمر بعض الشيء عليك ومساعدتك في الوصول إلى خيارات أكاديمية مناسبة لتخصصك هذه بعض المنصات العربية والإنكليزية التي تساعدك في التعرف إلى جوانب شخصيتك وصفاتها، وميولك المهنية التي تمتلكها من خلال اختبارات مبنية على تجارب ونظريات علمية شهيرة.
منصة اكتشاف
ACIA المقياس العربي للميول المهنية، واحد من أبرز المواقع العربية التي يمكن أن تساعدك للتعرف إلى جوانب شخصيتك وميولك المهنية، وما هي التخصصات والمسارات الأنسب لك ولشخصيتك.
من الصفحة الرئيسية للموقع ستجد زر ابدأ الاختبار، ومن هناك سيعرض عليك الموقع مجموعة من الأسئلة للتعرف إلى الميول والاهتمامات الأنسب لشخصيتك، وأخيرًا ستحصل على تقرير مفصل بالميول المهنية المناسبة والتخصصات التي تتلاءم مع تلك الميول.
16 Personalities
16 Personalities اختبار باللغة الإنكليزية، ليس فقط للميول المهنية، وإنما ستحصل على تقرير كامل عن صفات شخصيتك من مختلف الجوانب الشخصية والنفسية والذهنية، وتعرف ما تتميز وتبرع فيه، وما هي نقاط القوة والضعف لديك.
Holland Code
Holland Code أيضًا هذا واحدًا من الاختبارات الشهيرة المتخصصة في معرفة الميول المهنية المناسبة لطبيعة الشخصية متاح باللغة الإنكليزية، وبنسختين مجانية بتفاصيل محدودة وأخرى مدفوعة بمزيد من التفاصيل.
على أمل أن تساعدك أي من هذه المنصات في التوصل إلى خيارات ملائمة، على الأرجح ستكون أفضل من النصائح والإرشادات التي يرميها الأشخاص من حولك دون أي معرفة أو دراية، ودون الأخذ بالاعتبار أية عوامل منهجية متعلقة بطبيعة ميلوك واهتماماتك وما يلائم شخصيتك لاختيار التخصص المناسب الذي ستتشكل عليه حياتك المستقبلية بالكامل.