من منا لا يعرف تشاندلر بينغ نجم مسلسل Friends الشهير، الذي اتخذ النكات الساخرة ملجأً للهروب من المواقف الصعبة؟! هل يمكن لحس الفكاهة أن ينقذنا حقاً مثله؟ في هذا المقال سنتعرف بوضوح على دور الفكاهة في حياتنا اليومية، وسنرى تأثيرها السحري في تذليل الصعوبات لنسير بطريق نجاح ممتع وجميل.
ما هو حس الفكاهة؟
الفكاهة تعني أي اتصال بشري يجعل الناس يضحكون أو يشعرون بالسعادة،إنها قدرة أو جودة الأشخاص أو الأشياء أو المواقف على استدعاء مشاعر التسلية لدى الآخرين.
من منا لا يستمتع بضحكة كبيرة كلما أمكن ذلك؟!
حس الفكاهة لا يعني حفظ النكات وإدخالها في المحادثات، بل هو قدرتك على التحدث بشكل طبيعي بطرق إبداعية ومسلية.
وبالطبع هناك فرق بين أن تكون مضحكاً وأن تتمتع بروح الدعابة، أن تكون مرحاً يعني أن تكون قادراً على التعبير عن الدعابة (في توقيت جيد) أما امتلاك حس الفكاهة يعني أن تكون قادراً على الضحك( أو على الأقل رؤية الفكاهة ) في سخافات الحياة، أي اطمئن! لست بحاجة إلى أن تكون مضحكاً لكي تتمتع بروح الدعابة.
بشكل بسيط يمكننا القول أن حس الفكاهة يمثل قدرتك على إدراك المرح حتى في أكثر لحظات الحياة قسوة.
ما أهمية حس الفكاهة؟
في الصحة
حس الفكاهة يمثل جهازاً مناعياً للعقل، يعمل تماماً كذلك الموجود في الجسد.
فكّروا معي…عندما نتعرض لموقف سلبي ومزعج فنحن أمام خيارين: إما الاستسلام والانقياد للمشاعر السلبية وبالتالي التعرض لخطر الوقوع في براثن الاكتئاب(والذي يدمر كل شيء بنيناه في حياتنا منذ الصفر)، أو إعاد صياغة الموقف السلبي بطريقة فكاهية كأن نضحك على أخطائنا مما يحمينا من الدخول بحلقة اكتئاب لا نهاية لها ويرفع من نضجنا العقلي أيضاً.
الخيار الثاني هو المنقذ لصحتنا النفسية بكل تأكيد.
وليس هذا فحسب، أظهرت الأبحاث أن الفكاهة يمكن أن تحسن بالفعل نظام المناعة البدني الخاص بنا أيضاً، الضحك يحسن صحة القلب والأوعية الدموية ويخفض معدل ضربات القلب وضغط الدم والتوتر العضلي.
في الحياة الاجتماعية
تساعدنا الفكاهة على اكتساب الأصدقاء بسرعة كبيرة، لأن الناس يميلون بطبعهم إلى من يستطيع التخفيف عنهم ويخلق جواً لطيفاً لتبادل الأفكار بسلاسة.
ومن المعروف أن الأشخاص المرحين لديهم جاذبية أعلى من غيرهم مما يعطيهم القدرة على التأثير بالناس بشكل أقوى.
وبالتالي نجد أن الفكاهة ترفع من أداء التفاعلات الاجتماعية وتساعد على إنشاء روابط قوية بين الأفراد.
في الحياة العملية
هناك عدة أسباب تجعل من حس الفكاهة مفتاحاً رئيسياً للنجاح بالعمل:
سيستمتع الناس بالعمل معك
يريد الناس العمل مع أشخاص يحبونهم، أغلبنا يقضي ساعات طويلة في العمل فتخيل لو كانت الجدية مخيمة دوماً على المكان!
حس الفكاهة طريقة جيدة لبناء الفريق إن تم توظيفه بشكل صحيح.
الفكاهة وسيلة قوية للتخلص من التوتر
تقدم الفكاهة تحولاً معرفياً في كيفية رؤيتنا لضغوطات العمل مما يؤدي إلى استجابة عاطفية ورد فعل جسدي يريحنا عندما نضحك.
حس الفكاهة نشاط إنساني فعال
تسمح الفكاهة للموظفين والمدراء بالالتقاء معاً، مدركين أن الجميع يسعى إلى أرضية مشتركة.
ها + ها = اهااا !
توسع الفكاهة آفاقنا، وتنقلنا من التفكير المحدود حيث يمكن رؤية حل واحد فقط، إلى التفكير الواسع حيث يمكننا رؤية أفكار متعددة واختيار أفضلها.
فهي عنصر أساسي للتفكير الإبداعي، تساعد الناس على اللعب بالأفكار، وتقليل النقد الداخلي، ورؤية الأشياء بطرق جديدة، وتخلق بيئة خصبة للابتكار لأن الناس يكونون أكثر إلهاماً عندما يكونون مسترخين.
حس الفكاهة يبني الثقة بين الأفراد
يمكن بناء الثقة من خلال الاستخدام الفعال للفكاهة لأن الدعابة غالباً ما تكشف الشخص على حقيقته.
وتوضح العديد من الدراسات أن الأشخاص الذين يتشاركون حس الدعابة الصحي والإيجابي يكونون أكثر حباً ويُنظر إليهم على أنهم أكثر جدارة بالثقة، كل هذه الخصائص، بالإضافة إلى حقيقة أن الدعابة رائعة لكسر الجليد خصوصاً بين الأشخاص الجدد ويمكن أن تهدم الجدران، تساعد الأشخاص على بناء علاقات في مكان العمل، وخاصة هذه الأيام، لأن العلاقات ضرورية للنجاح.
يزيد حس الفكاهة من الإنتاجية
الفكاهة تخلق جواً متفائلاً يشجع التفاعل والعصف الذهني للأفكار الجديدة والشعور بأن هناك القليل من المخاطر في التفكير خارج الصندوق. كل هذا يؤدي إلى إنتاجية أكبر، ومن المنطقي أيضاً أنه إذا كان الناس في جو أكثر مرحاً، فسيكون لديهم شغف أكبر بما يفعلوه وستزداد أخلاقيات العمل لديهم، ومن المحتمل أن يكون حماسهم معدياً. إنه فوز لهم وللشركة في آن معاً.
هل يمكن أن نتعلم حس الفكاهة؟
ينقسم علماء النفس حول ما إذا كانت الدعابة سمة فطرية أو قابلة للتعلم، لا يوجد شيء مثل (فرد بلا روح الدعابة تماماً) لأن الكوميديا جزء أساسي من الطبيعة البشرية.
في الماضي، ساد الاعتقاد أن بعض الثقافات فقط هي التي طورت الفكاهة، لكن هذا الاعتقاد تغير، حيث لم يتم العثور على ثقافة خالية من الضحك والكوميديا. لذا، إذا كنت ترغب في تحسين روح الدعابة لديك، فإن محاولة النظر إلى الجانب المضحك من الحياة لن يضر. السيناريو الأسوأ هو أنك ستضحك أكثر قليلاً!
ولنرى بعض الطرق لذلك:
- شاهد المزيد من الكوميديا
- حاول أن ترى الجانب المضحك لكل شيء تقريباً
- تعلم بعض النكات البسيطة جداً
- راقب الأشخاص المضحكين وتعلم منهم
- لا تفرط في الأمر واحذر من الإساءة للآخرين
- كن ظريفاً وليس سخيفاً
- ابق إيجابياً واضحك أكثر
- اعرف الفرق بين المضحك واللئيم
- تمرن دائماً
ما هي أساليب الفكاهة؟
ببساطة هي نهجنا في استخدام الفكاهة في حياتنا اليومية مع الآخرين، وهي كالتالي:
- حس الفكاهة المعزز للذات: تساعد على شعور الإنسان بالرضا، كأن يضحك على أخطائه مثلاً ويسخر من نفسه بطريقة تخفف من الاستياء.
- حس الفكاهة الانتمائي: يتضمن هذا إخبار النكات عن الأشياء التي قد يجدها الجميع مضحكة، والهدف هنا استخدام الدعابة لجمع الناس معاً للعثور على الفكاهة في الحياة اليومية.
- حس الفكاهة العدواني: يتضمن الإهانات الموجهة للأفراد، والغرض منها تهديد الآخرين أو إيذائهم نفسياً، فهو نوع من الفكاهة التي يستخدمها المتنمرون.
- حس الفكاهة الانهزامي: يُطلق على التقليل من شأن نفسك بطريقة عدوانية أو “فقيرة” فكاهة تهزم الذات،ومن الناحية النفسية، يمكن أن يكون هذا شكلاً غير صحي من الفكاهة.
أقوال عن حس الفكاهة
- “كل شخص لديه روح الدعابة. إذا كنت لا تضحك على النكات ، فمن المحتمل أنك تضحك على الآراء “- كريس جامي
- “إذا كان القدر لا يجعلك تضحك ، فلم تفهم النكتة بعد”- غريغوري روبرتس
- “أنا لا أثق بأي شخص لا يضحك”- مايا آنجلو
- “الفكاهة يمكن أن تحدث فرقا كبيراً، في مكان العمل، في المنزل، في جميع مجالات الحياة، من الضروري البحث عن سبب للضحك. روح الدعابة تساعدنا على تجاوز الأوقات المملة، والتعامل مع الأوقات الصعبة، و الاستمتاع بالأوقات الجيدة وإدارة الأوقات المخيفة “- ستيف جوديير
- “حس الفكاهة، الذي يولد من الإدراك ، يحمل صلة وثيقة بالفلسفة ؛ كل واحد هو روح الآخر”- ويل ديورانت
يقول تريسي مورغان: “لم يكن كوني مضحكاً اختياراً وظيفياً أثناء نشأتي، لقد كان طريقي للخروج من المواقف، طريقة للبقاء على قيد الحياة في يوم آخر”
بالتأكيد قد لا نتفق على ما هو مضحك وما هو غير مضحك، ولكن هناك إجماع أكثر من أي وقت مضى أن حس الفكاهة هو وسيلتنا للسير في الحياة بخفة ومتعة، لذلك ارسم الابتسامة على وجهك وامض مشرقاً ومصمماً على النجاح.