يقول جيم رون وهو رجل أعمال بارز في أمريكا: “التعلم الرسمي يعطيك وظيفة، التعلم الذاتي يعطيك ثروة” !منذ طفولتنا ونحن متعلمون ذاتيون بالفطرة، لكن هذه المهارة تحتاج إلى الصقل مع مرور الوقت وتأثير البيئة الخارجية عليها…
واليوم في مقالتنا هذه سنتعرف على مهارة التعلم الذاتي وكيف نستثمر في أنفسنا لنكون أفضل في كلّ يوم…
ما هو التعلم الذاتي؟
هو شكل جديد للتعلم، ظهر بسبب توافر موارد التعلم عبر الإنترنت، يمكّنكم ببساطة من معرفة ما تريدون وقتما تريدون وكيفما تريدون!
يعني أنتم الآن قادة عملية التعلم، وتوجهون الدفّة إلى ما يناسبكم.
وهو ما يجعله أكثر فعالية من التعلم التقليدي لأنكم قادرون على اختيار ما ترغبون بتعلمه ومن المصدر الذي تريدونه.
لكن بالمقابل، يحتاج إلى الكثير والكثير من الانضباط والصبر، مما يجعله شكلاً صعباً للتعلم حتى بالنسبة لألمع الطلاب.
ما أهمية التعلم الذاتي؟
نحن اليوم نعيش في عصر رقمي مختلف كثيراً عن سابقه، ولابدّ أنكم لاحظتم اهتمام الجامعات والشركات المتزايد بقدرة الطلاب المتخرجين على امتلاك مجموعة أفضل من المهارات.
لن يتم قبولكم لمجرد حصولكم على درجات عالية وحسب!
يجب أن تكونوا قادرين على البحث والتحليل وتطوير العديد من المواضيع خلال رحلة تعلمكم، فأيام الحفظ كالببغاء ولّت أدراج الرياح…
ومن هنا تنبع أهمية التعلم الذاتي، فهي الأساس في بناء شخص قادر على حل المشاكل واختيار الأدوات المناسبة وتوجيه سلوكه نحو الهدف بانضباط جيد كونه المسؤول عن تعلمه وتجربة نجاحه.
ولابدّ لنا أن نطلعكم بشكل شامل عن مزايا التعلم الذاتي وماذا تستفيدون عند اتباعه كنهج فعال للتعلم…
ما هي مزايا التعلم الذاتي؟
أولاً: تطوير مهارة حل المشكلات
يمنحكم التعلم الذاتي القدرة على تحديد المشكلات والبحث بسرعة عن حلول فعالة بأنفسكم وذلك من خلال عدة وسائل مثل الاستعانة بالزملاء أو الإنترنت أو الاستكشاف.
مهما كانت الحالة، فإن التحديات والعقبات بدلاً من أن تقضي على دافعكم لإنجاز الأشياء، توفر لكم فرصاً جديدة لتعلم شيء جديد حسب وتيرتكم ووقتكم.
ستتعلمون كيفية البحث بنشاط عن الحلول بدلاً من تقديم الحلول لكم على طبق من ذهب!
بالإضافة إلى تنمية قدرتكم التكيف بسهولة مع التغييرات في البيئة بسبب القدرة على التعلم بسرعة.
ثانياً: إنها عملية تعلم خالية من الإجهاد
في التعلم الذاتي يتم التركيز على عملية التعلم بدلاً من نتيجة التعلم، يعني لا يوجد ضغط لتعلم المحتوى المطلوب خلال فترة زمنية معينة، والهدف النهائي ليس تحقيق درجات عالية كما في التعلم التقليدي.
أنتم تختارون ما ترغبون بتعلمه بالوقت الذي يلائمكم وبالطريقة التي تحبونها.
النتيجة الإجمالية هي استيعاب المحتوى ولهذا السبب يميل المتعلمون الذاتيون إلى استيعاب ما تعلموه أكثر من أولئك الذين يشاركون في التعلم الموجه التقليدي.
ثالثاً: تكتسب مهارات إضافية خلال رحلة التعلم الذاتي
عندما تختارون البدء برحلة التعلم الذاتي، ستتعلمون مهارات أخرى مهمة جداً مثل إدارة الوقت والتقييم الذاتي وتحديد الأهداف الخاصة.
وهي مهارات ضرورية يمكنكم تطبيقها في أي مكان.
في الواقع، يتمتع الأشخاص الذين يجيدون التعلم الذاتي بقدرة متزايدة على تطوير مهارات أخرى حيث يتعين عليهم في كثير من الأحيان توظيف مجموعة معينة من المهارات من أجل التعلم، كما يمتلكون التزاماً قوياً بالمهام، حيث يتعلمون كيفية الالتزام بخطة حتى يحققوا أهدافهم.
رابعاً: تأثير التعلم الذاتي على الأشخاص كبير جداً
يأتي التعلم الذاتي من الرغبة الشخصية في اكتساب معرفة جديدة مدفوعة بالحاجة إلى العثور على مزيد من المعلومات حول موضوع ما واستخدام المعلومات لغرض معين، لذلك يكون لدى المتعلم الذاتي هدف واضح عن سبب تعلمه، وغالباً ما تكون المعلومات المكتسبة ذات صلة بحاجة معينة لديه وبالتالي تصبح ذات مغزى وتأثير أكبر عليه بمرور الوقت.
بالإضافة إلى ذلك، يميل المتعلم إلى البحث عن معلومات أعمق حول موضوع ما لأنه لا يتعلم فقط من أجل التعلم إنما التعلم الآن بالنسبة له هدف وهو ممتع و يؤدي إلى نتائج جيدة.
خامساً: التعلم الذاتي منقاد بالفضول
جزء كبير من التعلم الذاتي يكون من أجل إرضاء مستوى معين من الفضول بل ويحدث بشكل طبيعي عندما يكون هناك فضول!
وبالتالي يعني أنكم ستكونون متحمسين للتعلم وستحصلون على المزيد من المعرفة عندما يكون الدافع هو فضولكم الداخلي.
يتحول هنا التعلم الذاتي إلى مغامرة ويتم توسيع قدراتكم في كل مرة تتعلمون فيها شيئاً جديداً بنجاح.
سادساً: الحرية في اختيار طريقة التعلم المناسبة
ستكون قنوات اليوتيوب….الكتب…البودكاست….الندوات…أو أي مصدر للمعلومات تحت تصرفكم على الفور عندما تتخذون قرار التعلم الذاتي!
مع كل هذه الأنماط من التعلم في متناول أيديكم يمكنكم اختيار الأنسب والأكثر جاذبية لكم وعدم الالتزام بنمط واحد.
حسناً…والآن؟؟!
هل قررتم البدء برحلة التعلم الذاتي الممتعة؟؟
سنخبركم عن عدة أشياء تجعل من رحلتكم طريقاً للنجاح…
نصائح من LookinMENA للتعلم الذاتي الناجح
يتطلب التعلم الذاتي الكثير من الانضباط ويمكن أن يشكّل تحدياً.
وعلى الرغم من ذلك يمكن أن يكون أيضاً واحدة من أكثر تجارب التعلم إثارة للاهتمام عند القيام بها بشكل صحيح.
لذلك إليكم كيفية الشروع في التعلم الذاتي:
استعدوا للتعلم
عليكم أن تدركوا المسؤولية الملازمة لعملية التعلم الذاتي، وأن تكونوا مستعدين لتوليها، لأنه في الحقيقة الموضوع أصعب مما تتخيلون، فلن تتعلموا مثلاً العزف في أسبوع أو حتى شهر أو سنة دون أن تواجهكم التحديات والعراقيل!
افهموا ما تريدون أن تتعلموه ولماذا هذا الموضوع مهم بالنسبة لكم.
ستحتاجون إلى الكثير من الدوافع الداخلية، لذا فإن الاستعداد للتعلم سيبقيكم على المسار الصحيح حتى عندما تكون مستويات التحفيز لديكم منخفضة.
ليكن لديكم أهداف تعليمية واضحة
تماماً مثلما يعد المعلم مخططاً تعليمياً يهدف إلى مساعدة المتعلمين على اكتساب مهارات ومعرفة مختلفة في نهاية الدرس، يجب أن يكون تعلمكم الشخصي كذلك…
لأنه عندما تكون أهدافكم التعليمية واضحة، ستتمكنون من تقييم تقدمكم وما إذا كنتم قد اكتسبتم أي معرفة وهذا يمهد الطريق لعملية تعلم مثمرة، كما أنه مع أهداف التعلم تصبحون قادرين على إنشاء عملية تعلم منهجية تمكنكم من تعلم الموضوع بشكل تدريجي.
حددوا الأدوات التي تريدون استخدامها
مع وجود الكثير من المواد التعليمية المتاحة، لديكم حرية الاختيار!
وطبعاً بالاعتماد على الموضوع، هناك موارد مختلفة متاحة ومناسبة لكم، لذلك اختاروا الطريقة التي تناسب أسلوب التعلم الخاص بكم والأكثر فاعلية.
يكمن جمال التعلم الذاتي في أنكم لستم مقيدين بطريقة معينة للتعلم كما تمنحكم الأدوات المختلفة أيضاً فرصة لتعلم نفس الموضوع من زوايا مختلفة، مما يسهل فهم الموضوع الرئيسي.
قرروا كيف تريدون تقييم أنفسكم
على عكس التعلم الرسمي الذي يحتوي على امتحانات في كثير من الأحيان، لن يكون للتعلم الذاتي في الأغلب أدوات تقييم!
وتكمن الحيلة هنا في معرفة المعالم التي تريدون تحقيقها على طول الطريق، وفي أي وقت، ثم تحديد ما يشير إلى أنكم قد تعلمتم شيئاً ما.
تحتوي بعض موارد التدريس عبر الإنترنت على اختبارات صغيرة في نهاية كل دورة لتقييم مدى استيعابكم للدورة التدريبية حتى تتمكنوا أيضاً من الاستفادة منها.
ومن هنا يجب أن نعرفكم على أهم مصادر التعلم الذاتي عبر الانترنت، لتنطلقوا نحو النجاح والمثابرة بثقة…
أهم منصات التعلم الذاتي
منصة Coursera
من المنصات الرائعة للتعلم الذاتي، تحتوي على العديد من الأقسام المليئة بكورسات متعددة عن أهم اختصاصات العصر ومن أرقى الجامعات في العالم، أسلوبهم مميز في عرض المعلومات بالإضافة لطرق التفاعل مع بقية المتعلمين، وبالتأكيد لا ننسى الشهادة التي تثبت إكمالك لأي كورس.
منصة Futurelearn
من المنصات المميزة التي تسمح لك بتطوير خبراتك ومهاراتك وهواياتك أيضاً عبر مجموعة من الدروس المرنة التي يعطيها خبراء من كل أنحاء العالم.
منصة udemy
من أفضل المنصات التي تساعد على تطوير الخبرات المهنية بأي تخصص، فيها كورسات متنوعة وتتفاوت في درجة الصعوبة ومرنة جداً لتختار ما يناسبك.
منصة إدراك
المكان المناسب للتعلم الذاتي باللغة العربية!
الكثير من الكورسات المجانية التي تتنوع بين مواضيع يحتاجها الطلاب في المدرسة وبين المهارات التي يحتاجها أي فرد في هذا العصر الرقمي لتعليم يستمر مدى الحياة.
منصة رواق
منصة عربية للتعليم المفتوح، تقدم مواد أكاديمية مجانية باللغة العربية وبشتى المجالات والتخصصات.
اقتباسات عن التعلم الذاتي
ماذا قال الناس عن التعلم الذاتي؟؟
اقرأ بعناية هذه الكلمات الحكيمة، واجعلها حافزاً لك لتبدأ الرحلة!
- “لن يكون الأمي في القرن الحادي والعشرين أولئك الذين لا يعرفون القراءة والكتابة، بل أولئك الذين لا يستطيعون التعلم والتخلص من التعلم وإعادة التعلم”-ألفين توفلر
- ” في الواقع ، كل تعليم هو تعليم ذاتي. المعلم ما هو إلا دليل، ليوضح الطريق، ولا يمكن لأي مدرسة مهما كانت ممتازة أن تمنحك التعليم. ما تحصل عليه هو مثل الخطوط العريضة في كتاب تلوين الطفل. يجب أن تملأ الألوان بنفسك.”-لويس لامور
- ” أنا لا أؤمن بالكليات والجامعات، أنا أؤمن بالمكتبات لأن معظم الطلاب لا يملكون أي أموال. عندما تخرجت من المدرسة الثانوية كان ذلك خلال فترة الكساد ولم يكن لدينا مال لم أستطع الذهاب إلى الكلية، لذلك ذهبت إلى المكتبة ثلاثة أيام في الأسبوع لمدة 10 سنوات.”-راين برادبري
- “التعلم يضاعف المواهب”-هوراس
- “عش كأنك ستموت غداً، وتعلم كأنك ستعيش للأبد”-غاندي
التعلم رحلة طويلة، تبدأ من أول يوم نفتح فيه عيوننا للدنيا والوقت هو أغلى شيء في هذه الرحلة، لذلك لنبدأ استثماره بتعلم المهارات التي تجعلنا أفضل والخبرات التي توسع قدراتنا للتماشي مع هذا العصر المتسارع، ولنصنع من أنفسنا الاستثمار الأنجح في الحياة!