ما رأيكم بإعطائنا دقائق قليلة من وقتكم مقابل أن نطلعكم على سر الحصول على ما تريدون من أي شخص؟؟
لا!
لن نعلمكم تعاويذ سحرية…ولا مهارات التنويم المغناطيسي…ولا حتى قدرات خارقة….الأمر أبسط من ذلك بكثير…إنه التفاوض!
فنّ موجود منذ الأزل، له تقنيات واستراتيجيات تؤمّن لك ما تريد إن طبقتها بمهارة، وسنتعرف عليه في مقالتنا هذه.
ما هو التفاوض؟
يقول جورج برنارد شو المؤلف الإيرلندي الشهير: “التفاوض هو فن تقسيم الكعكة بطريقة ينصرف بعدها كل من الحضور معتقداََ أنه حصل على الجزء الأكبر”.
تعريف شيّق بالحقيقة، ويعبر عن معنى التفاوض ببساطة، وإن أردنا أن نشرح بإسهاب أكثر فإن التفاوض هو عملية يناقش فيها طرفان أو أكثر لهما احتياجات وأهداف مختلفة قضية معينة لإيجاد حل مقبول للطرفين، وبالتالي يستند إلى “الأخذ والعطاء” بالمفهوم العام ويهدف إلى خلق تفاعل متوازن ومربح يعود بالفائدة على جميع الأطراف المشاركة.
فكروا به قليلاً…
عندما تتفاوض على شيء ما، فإنك تحقق نجاحاً عندما تقدم تنازلات لا تعني الكثير بالنسبة لك، مع إعطاء شيء للطرف الآخر يعني الكثير بالنسبة له، ويجب أن يعزز منهجك حسن النية، بغض النظر عن الاختلافات في مصالح الأطراف، هكذا وبكل سهولة ما يعينه التفاوض الناجح!
أهمية التفاوض
حرفياً إنها مهارة تحتاجها في كل مكان، بالدراسة والعمل وحتى في المنزل!
تساهم المفاوضات الجيدة بشكل كبير في نجاح الأعمال، لأنها تساعدكم على بناء علاقات أفضل وتقديم حلول دائمة وعالية الجودة بدلاً من حلول ضعيفة وقصيرة الأمد التي لا تلبي احتياجات أي طرف، وبالتالي تساعد على تجنب المشاكل والصراعات المستقبلية.
مهارات التفاوض
هل تعرفون دمية الماتريوشكا الروسية؟؟ عدة دمى خشبية بأحجام متفاوتة موضوعة داخل بعضها البعض؟؟
هكذا تماماً التفاوض، إنه مهارة مركبة من عدة مهارات أخرى، تحتاجها جميعاً لتكون مفاوضاً ناجحاً بكل المقاييس…
مثلاً، يتقن المفاوضون الأقوياء التواصل الكتابي واللفظي وغير اللفظي، ويتبنون نهجاً واعياً وحازماً لتواصلهم، وهم يتمتعون بالمهارات التالية:
المرونة
خلال أي مفاوضات سيكون هناك بضع صراعات وهنا يأتي دور المرونة…
هل يمكنكم تقبل الطرف الآخر؟؟
ما مدى استعدادكم لطرح حلول وسطية وتقديم بعض التنازلات؟
يجب أن تظهروا للطرف الآخر أنكم منفتحون للنقاش معه ومتقبلون لأفكارهم وتسعون بشكل جدّي لرضا الجميع.
الإبداع
غالباً ما ينسى العديد من المفاوضين الجانب الإبداعي للتفاوض وينساقون وراء الجانب التنافسي، وعلى ذلك يصل الجميع إلى طريق مسدود للأسف!
الإبداع هو القدرة على التفكير والتوصل إلى مناهج أو حلول للقضايا أو النزاعات في قلب التفاوض، والمفاوض المبدع هو من يبحث عن الفرص داخل كل تحدي حتى يصل إلى حل فعال يلبي احتياجات جميع الأطراف المشاركة.
التخطيط الجيد
قد يأخذ التفاوض منحى عفوي في سياق النقاش ولكن هذا لا يلغي أبداً الدور الأساسي للتخطيط الجيد، لأنه من الضروري وضع خطوط عريضة للبدء منها، مما يساعدكم على تحقيق أفضل نتيجة ممكنة من التفاوض…
هنا لا نتكلم عن الخطط الاعتيادية التي تتضمن الميزانية مثلاً أو المدة التي يستغرقها إكمال المشروع، ولا حتى الأرباح المتوقعة والعائد وغيرها، هنا نتحدث ببساطة عن التخطيط التفصيلي الذي يحاول معرفة ما قد يريده الطرف الآخر ولماذا.
التواصل الفعال
هناك علاقة طردية بين التواصل الفعال ونجاح التفاوض، وهو مهارة حاسمة للتفاوض والقاعدة له إذا صحّ القول، لأن المفاوضين يتواصلون لتوضيح تفضيلاتهم ووجهات نظرهم، ولتبادل المعلومات وإقناع الطرف الآخر بأفكارهم وقناعاتهم والتي وفقاً لها يتم اقتراح الحلول المرضية لأطراف التفاوض.
لكن الآن يبرز سؤال مهم:
كيف يمكننا تطبيق تلك المهارات بطريقة صحيحة للوصول إلى تفاوض ناجح؟؟؟
وهذا ما يقودنا إلى إطلاعكم على أهم تقنيات التفاوض…
بعض تقنيات التفاوض الفعالة
التقنية الأولى: المطالب الكبيرة تليها تنازلات صغيرة وبطيئة!
هذه التقنية سيف ذو حدين، لأنها قد تحمي صانع الصفقة من تقديم تنازلات كبيرة، لكنها في نفس الوقت يمكن أن تمنع الأطراف من عقد الصفقة نهائياً أو تأخيرها، وعلى الرغم من ذلك تعدّ أكثر التقنيات شيوعاً في التفاوض.
التقنية الثانية: اقبلها أو اتركها!
من أقوى تقنيات التفاوض وأكثرها صعوبة لأنها تعتمد بشكل كامل على محتوى العرض وغالباً يكون طرف أقوى من طرف بشكل ظاهر، إن اخترتم هذه التقنية يجب أن تكونوا على استعداد لنقاش قوي وتركزوا على تحضير محتوى يتضمن أبرز نقاط القوة لديكم.
التقنية الثالثة: المساومة الصعبة!
في هذا النوع من المفاوضات نجد أن أحد الأطراف يسعى إلى إخفاق الطرف الآخر ويواصل تقديم مطالب أكثر فأكثر في انتظار وصوله إلى نقطة الانهيار والتنازل، وهنا لجعل التفاوض ناجحاً يجب أن يقوم الطرف الثاني بتوضيح رغبته الجادة بالانخراط في تفاوض متبادل للعروض فقط.
التقنية الرابعة: استمع ثم تكلّم!
يجب أن تستمع بشكل فعال بكل حواسك إلى الطرف الآخر قبل أن تتكلم، وهذا يشمل قراءة لغة الجسد والانتباه للتعابير والكلمات المستخدمة في حديثه، لأن بطبيعتنا البشرية هناك الكثير من التفاصيل التي لا نفصح عنها بشكل مباشر وانتباهك لها يعطيك أدلة واضحة لما سيقوم الطرف الثاني بعرضه، لذلك استغلها جيداً.
التقنية الخامسة: اكبس على زر الضغط!
كل إنسان ينحي لضغوطه، هذا واقع!
ضع نفسك في مكان الطرف الآخر، ما هي ضغوطهم؟ ما الذي يحتاجون إليه؟
إن فهم الضغوط المركزية لنظيرك أمر حيوي، وبهذه الطريقة، ستبرم صفقة أفضل لنفسك ولهم.
حسناً…إلى الآن يبدو كل شيء مدروساً بدقة وكأنه عملية رياضية لها قواعد ومدخلات ونتائج….ولكن!
يجب ألا ننسى أن التفاوض في نهاية المطاف هو تفاعل بشري بحت، ولذلك عليه أن يسري وفق مبادئ إنسانية تراعي جميع الأطراف، وهي:
المبادئ الإنسانية في التفاوض
ركّز على العلاقة وليس على الصفقة
تذكر أنك في معظم الأحوال تتفاوض على علاقة وليس صفقة، مثلاً عندما تتفاوض على عقد عمل للانضمام إلى مؤسسة ما، فأنت لا تحاول فقط الحصول على أفضل صفقة لنفسك بل تريد أفضل صفقة للمجموعة التي ستكون مجموعتك قريباً.
عليك أن تضع هذه النتيجة طويلة الأمد في اعتبارك لتحقق تفاوضاً ناجحاً.
لا تكذب أبداً، كن لطيفاً، وفكّر بالتوقيت
هل تعرفون أنكم تعلمتم مهارات التفاوض الناجح منذ نعومة أظفاركم؟؟!
كم مرة سمعنا أهلنا يرددون: لا تكذب…كن لطيفاً…كن متفهماً…إلخ…
لا يتصرف المساومون الماهرون بشكل سيء أبداً، لأنهم يدركون أهمية الذكاء العاطفي في التفاوض، لأنه ببساطة إذا بدأت التفاوض بطريقة سلبية سيندفع الطرف الآخر مباشرة لقول “لا” بينما لو كنت محترفاً ومهذباً سيشعر بالذنب لو لم يأخذ عرضك بجدية ومرونة.
انتبه لما تتمناه
وهذه النصيحة لحفظ سلامكم النفسي وليس للطرف الآخر!
لا تدخل في أي تفاوض دون أن يكون لديك صورة واضحة تماماً لما تريد بكل تفاصيله، يعني مثلاً قد تعتقد أنك تريد مكتباً في الزاوية، ولكن في الواقع به تسرب للمياه والمكيف لا يعمل، لذلك استعد جيداً وضع قائمة لما تريد بتفاصيل محددة ودقيقة.
توقع رغبات واحتياجات الطرف الآخر
يساعد هذا المبدأ المفاوضين للوصول إلى حل وسط، قدروا دائماً الحدود المحتملة للطرف الآخر…
ما هي الخطوة التالية الأفضل لهم؟
ما التنازلات التي يمكنهم تقديمها؟
ما الأشياء التي تعد أساسية لهم ولا يقبلون المساومة عليها؟
كل ما كانت قيم الطرف الآخر واضحة كان التفاوض أسهل وأكثر إنتاجية للجميع.
بعد كل هذه التفاصيل المهمة عن التفاوض، ما رأيكم أن نتخذ سوياً خطوة حقيقية للبدء؟
إليكم مصادر هامة لتعلم وإتقان التفاوض وأسراره.
فيديوهات على يوتيوب عن فن التفاوض
فن التفاوض – مراجعة كرتونية ل كتاب وليم يورى
فن أن تكون دائماً على صواب – مراجعة كرتونية ل كتاب أرثر شوبنهاور
نعم: 50 سرا من اسرار علم الإقناع – مراجعة كرتونية ل كتاب نوح جولشتاين
ملخص كتاب – الأسرار السبعة للإقناع
Negotiation Skills: The Secret Use of “Why”
Negotiation Skills: The Secret Use of “Why”
دروس لتحسين قدرتك على التفاوض
دروس متنوعة في التفاوض
الكورس الثاني: المفاوضات الدولية و عبر الثقافات
الكورس الثالث: الوساطة وحل النزاعات
الكورس الرابع: تطبيق لمهارات التفاوض
مهارة التفاوض في قالب درامي مميز
كورسات عن التفاوض على اليوتيوب
أقوال في التفاوض
- “أسوأ شيء يمكن أن تقوله هو” أريد X دولاراً لهذه الوظيفة “، دون ترك أي فرصة للتفاوض من الجانب الآخر. اللغة الأفضل هي “آمل أن أكسب ما بين $ X و $ X”. وهذا يمنح الطرف الآخر المزيد من المرونة “. – بيل كولمان
- “لا تنسوا أبداً قوة الصمت، تلك الوقفة المقلقة بشكل كبير والتي تستمر وتستمر وقد تحرض الخصم على الثرثرة والتراجع بعصبية.” – لانس مورو
- “إن الكلمة الوحيدة والأخطر التي يتم التحدث بها في الأعمال التجارية هي لا. أخطر كلمة هي نعم. من الممكن تجنب قول أي منهما. ” – لويس ويسي
- “إنه اقتراح معروف أن تعرف من سيفوز في مفاوضات؛ إنه هو الشخص الذي يتوقف لفترة أطول. ” – روبرت كورت
- ” خلال المفاوضات سيكون من الحكمة عدم أخذ أي شيء شخصياً، إذا تركت الشخصيات خارجها فسوف تتمكن من رؤية الفرص بموضوعية أكبر” – براين كوسلو
- ” العلاقات هي مفاوضات وتوازن مستمر” -كلير دينز
- ” التفاوض مثل الرياضة كل نجاح يعتمد على التدريب والإعداد المناسب “-مارك أوريسنيك
وبذلك نرى أن التفاوض مزيج رائع من الفن والعلم والقواعد، وباحترافك له تستطيع الحصول على ما تتمنى من أي شخص….ابدأ الآن وتعلّم التقنيات الضرورية لتمتلك قوة خارقة ركيزتها الذكاء المنطقي والعاطفي تفتح لك أبواباً جديدة في كثير من أمور الحياة!