“أنت لن تتقن فن القيادة أبداً”
ربما يبدو وقع هذه الجملة قاسياً قليلاً، ولكنها حقيقة مجردة يغفل عنها أغلب المتحدثون عن كيفية القيادة الفعالة في البيت والأسرة، والمدرسة وأماكن العمل وغيرها…
لأن القيادة ليست هدفاً ووجهة، إنما عملية مستمرة لا تنتهي، تتطلب سنوات لتطويرها، وفي أي لحظة يمكن أن تشعر بالفشل الهائل!
نحن جميعاً، وبمرحلة ما ننسى كيف نكون قادة عظماء…
ليس الأمر بأن تلبس ملابس معينة لتبدو القائد، أو أن ينظر إليك على أنك صاحب القرار النهائي، أو تذكر الأشخاص من حولك أنك المسؤول..الأمر أكبر من ذلك بكثير ويعتمد بشكل أساسي على سرّ واحد وهو المهارات اللينة soft skills، وكيف تتواصل مع الآخرين بطريقة تبني الثقة بينكم، وفيما يلي عدة طرق يمكنك من خلالها البدء في فعل ذلك الآن:
غيِّر أسلوب ملاحظاتك، حتى يعرف الأشخاص أنك تعني ما تقوله
إذا بدأت بمنح المديح بطريقة عشوائية، كأن تقول لكل شخص “عمل جيد، أحسنت”، مقابل أي شيء يفعله، فستفقد كلماتك معناها، وغرضها في التوجيه والتشجيع.
القيادة الفعالة لا تعني مدح الناس طوال اليوم.
في الواقع، أظهرت الدراسات أن التعليقات “السلبية” (عند توصيلها بشكل مناسب) هي التي ينتهي بها الأمر إلى أن تكون مفيدة جداً للأشخاص، وليس بالضرورة التعزيز الإيجابي، إذ يريد الناس أن يتعلموا وينمّوا ويشعروا بالتحدي ليكونوا أفضل اليوم مما كانوا عليه بالأمس، وبالتالي فإن إيجاد طرق لتسهيل هذا النمو من خلال تقديم ملاحظات بناءة هو مهارة ناعمة حاسمة للتعلم.
سندلكم في لوك إن مينا، على طريقة فعالة لتقديم الملاحظات تسمى “طريقة الشطيرة” وهي تعني تقديم تعليقات وفق الترتيب الآتي: (تعليق إيجابي، تعليق بناء، تعليق إيجابي)، وجوهرها إجراء محادثات منتظمة وصادقة تنتهي بخطوات قابلة للتنفيذ وتدفع الشخص ليتطور أكثر.
تذكر جيداً أن تبتعد عن النقد والتعليق لمجرد الإزعاج والرغبة في إثبات الوجود، وعن المديح بمناسبة أو دونها، بل اسعَ إلى تقديم ملاحظات بناءة بأسلوب فعال لتبني الثقة مع من حولك.
ابحث عن أمثلة للقيادة خارج العمل
أن تكون معلماً في المدرسة، أو مديراً في شركة ما، يبدو الأمر مختلفاً أليس كذلك؟
ولكن إذا نظرنا إلى الجوهر، نرى أن الاثنين يتشابهان في غرض بناء الإنسان، لذلك ابحث عن أنماط القيادة المختلفة خارج نطاق عملك، وراقبها، واعمل بالمفيد منها، فهي تساعدك على تحري نقاط القوة والضعف لديك أيضاً.
تحمل كل المسؤولية عندما يسير شيء ما بشكل خاطئ
طالما أنك القائد، فأي شيء يحصل يجب أن تتحمل مسؤوليته بالكامل.
في المناصب القيادية، قد يكون من السهل الوقوع في عقلية “أن تكون الضحية”، فإذا ساءت سلسلة من الأشياء، قد تبدأ في الشعور بأن هذه العقبات تحدث لك وأنها خارجة عن إرادتك، لكن إعطاء هذا النوع من التفكير أي قدر من الاهتمام الهادف يزيد المشكلة سوءاً، ثم تبدأ في رؤية كل ما يحدث بهذه الطريقة.
بدلاً من ذلك، من المهم أن تكون الشخص الذي يتحمل المسؤولية أولاً.
بغض النظر عما يحدث، حتى لو كان من الواضح أنه ليس خطأك، فمن المهم أن تأخذ دقيقة للتساؤل عن الدور الذي لعبته، ربما كنت غائباً أكثر من المعتاد، أو ربما كنت تميل إلى قضايا أخرى، مما تسبب في تشتيت انتباهك، أو ربما كنت مشغولاً للغاية لدرجة أن الأشياء حدثت دون أن تنتبه.
مهما كان الأمر، فإن القادة العظماء يأخذون زمام المبادرة ويتحملون المسؤولية عن الأعمال كافة.
السماح للآخرين بارتكاب أخطائهم
نادراً ما تكون الإدارة الدقيقة للناس أو ما يسمى MicroManagement فعالة.
السبب هو أن الناس بحاجة إلى ارتكاب أخطائهم من أجل التعلم، ونحن نفهم أنك تريد وضع حواجز الحماية في مكانها والتأكد من حدوث هذه الأخطاء في بيئة محكومة، ولكن هدفك هو نقلهم إلى مكان يشعرون فيه بالراحة والثقة بالعمل بمفردهم، إذ هذه هي الطريقة التي تجعل الشخص ينتقل من مجرد موظف إلى عضو حقيقي في الفريق.
هذا يتطلب منك الكثير من الصبر.
عليك أن تأخذ الوقت الكافي لتعليم وتدريب وإرشاد الشخص الآخر، مع أخذ احتياطاتك عند ارتكاب خطأ ما والأهم من ذلك كله، عليك أن تتقبل أنهم سيرتكبون أخطاء على طول الطريق، وأن تتذكر في نفس الوقت أن النتيجة النهائية المتمثلة في تنمية انتمائهم الحقيقي للفريق تستحق هذه التضحية من قبلك.
ركّز على ” الانعكاس الذاتي” وعلى ردود الأفعال في أغلب الأحيان
يجب أن تتغير القيادة وتتطور مع البيئة وهذا يعني أننا بحاجة إلى مراقبة الأشياء وإجراء التغييرات وفقاً لذلك، وإن أفضل المنظمات هي تلك التي يشعر فيها الموظفون بالراحة عند إعطاء مديريهم وقادتهم ملاحظات مباشرة.
يجب أن تكون هناك حلقة: طريقة لمعرفة ما إذا كان الناس يسمعون بعضهم البعض وما إذا كان أسلوب أو نهج الاتصال فعالاً، والطريقة الوحيدة لإنشاء هذه الحلقة هي تعزيز بيئة رعاية حيث يتم استقبال الموظف لإخبار رئيسه أو المدير التنفيذي أو صاحب الشركة بشيء يشعر به، أو شيء يزعجه، أو شيء لاحظه.
ننصحك في لوك إن مينا بما يسمى “one to one meetings” ، وهي اجتماعات فردية مع الموظفين يتحدثون فيها معك بحرية عن كل ما يشغلهم، وقد أثبتت هذه الطريقة فعاليتها في تعزيز التواصل بين القادة وباقي أعضاء الفريق.
كقائد، فإن آخر شيء تريده هو العمل في فراغ من أفكارك الخاصة، إذ لديك الكثير لتكسبه من خلال الاستماع إلى وجهات نظر الآخرين أكثر مما يمكن أن تخسره.
تذكر أن رحلة القيادة سيكون لها صعود وهبوط، ولكن إذا تبنيناها، فهي فرصة تعلم مستمرة ومصدر للنمو، قدْ دوماً من القلب وعزز ثقة فريقك بك وابنِ الإنسان الفعال، ليدوم أثر قيادتك طويلاً وتحقق غايتك.