لا يمكن أن نتحدث عن ثورة صناعة السيارات من دون أن نتطرق بالحديث نحو “هنري فورد” الذي يعتبر من أوائل الأشخاص وأشهرهم ممن مهدوا الطريق ووضعوا بصمتهم في عالم صناعة السيارات.
فقد من أشهر رائدي الأعمال في الولايات المتحدة الأمريكية كما أنه لعب دوراً كبيراً في بناء الاقتصاد الأمريكي.
بدايات “هنري فورد”
ولد “فورد” في عام 1863 في ولاية ميشيغان في أمريكا … أبدى منذ الصغر اهتماما في الميكانيك حيث أخذت جزءاً كبيراً من طفولته لدرجة أنه ترك الزراعة المهنة التي كانت عائلته تعمل بها وقرر اللحاق وراء حلمه وذلك في السادسة عشر من عمره.
حيث انتقل إلى ديترويت وهناك عمل كمتدرب ميكانيكي في إحدى الشركات، ساهمت هذه الخطوة في تلبية طموحاته حيث أكسبته كل ما يريد أن يعرفه عن مجال المحركات البخارية.
بعد نهاية فترته التدريبية عاد إلى ميشيغان مجددا حيث عمل في إصلاح وأعداد المحركات البخارية.
بداية الطريق
ومع مرور السنوات وتحديداً في عام 1891 حصل “فورد” على فرصة العمل لصالح شركة أديسون في ديترويت وبعدها بعامين تم ترقيته في الشركة ليصبح في منصب كبير المهندسين والجدير بالذكر أنه كان تربطه صداقة قوية بالمخترع “أديسون”.
وخلال هذه المدة قام بالعمل على نموذج أولي لإنشاء محرك ثنائي الأسطوانات يعمل من خلال البنزين حيث تم العمل عليه في منزله ثم في عام 1896 قام هذا المحرك بتشغيل أولى سياراته تحت مسمى “فورد Quadricycle”
شركة فورد
بما أنه بدأ في سك طريق أحلامه كان لا بد من اتخاذ الاستقالة من شركة “أديسون” والبدء في مشروعه الخاص حيث كان ذلك في عام 1899 والتي كانت تحت مسمى شركة ديترويت للسيارات.
بكل أسف بعده عدة أشهر كان مصير الشركة الإفلاس مما اضطر لإغلاقها لكن في ظل هذه الفترة استمر في تصميم العديد من السيارات.
إلى أن جاء عام 1903 حيث أعلن مع عدد من المستثمرين إنشاء شركة فور موتورز.
بعد عدة سنوات من تأسيس الشركة عملت الشركة من أجل إنتاج سيارة تكون بمثابة النقلة النوعية في عالم السيارات سواء من ناحية الفعالية وبنفس الوقت تكون متاحة للجميع وكان لهم ما أرادوا وذلك في عام 1908 في سيارة “Model T”.
كانت فعلاً بمثابة النقلة النوعية فقد حققت السيارة نجاحاً كبيراً فاق كل التوقعات والتي بدورها ساهمت في البدء بالاعتماد على طرق جديدة في الإنتاج لتكون بشكل أكبر مما انعكس بدوره على انخفاض تكاليف إنتاجها.
بحلول عام 1918 أصبح ما يقارب النصف من السيارات في أمريكا كانت من طراز “Model T” بنسبة مبيعات وصلت إلى 100%
نجاح “فورد” لم يكن يقتصر فقط على السيارات فحسب بل أيضاً لقدرته على رؤية النجاح ككتلة واحدة حيث عندما زاد الطلب علم أنه لا بد من تقنيات جديدة لزيادة الإنتاج مما يعني سيارات منخفضة الأسعار.
ومن أجل المحافظة على ولاء عماله كان لا بد من نظام عمل جديد يضمن له ذلك فقد كان ذلك من خلال رفع أجور العمل إلى 5 دولارات خلال 8 ساعات.
على مدار السنوات استمر “هنري فورد” في نهجه المتبع على تطوير الشركة حيث قام بتقديم الطراز الجديد من “Model T” كما أنه أنشئ العديد من المصانع حيث لم تقتصر فقط داخل الولايات المتحدة الأمريكية بل أيضاً في مختلف دول العالم.
“لم يقتصر تأثير هنري فورد على صناعة السيارات فحسب، بل كان له أثر بالغ في تشكيل مفاهيم العمل والإنتاج في القرن العشرين. ابتكاراته، مثل نظام الخطوط التجميعية، لم تغير فقط الطريقة التي تُصنع بها السيارات، بل أحدثت ثورة في الثقافة الصناعية على نطاق عالمي. أصبح هذا النظام نموذجًا يُحتذى به في مجموعة واسعة من الصناعات، مما ساهم في رفع الكفاءة وتخفيض التكاليف، وبالتالي جعل السلع أكثر توافرًا للجماهير. إضافةً إلى ذلك، كان لفورد دور رائد في تطوير العلاقات العمالية. سياسته للأجور العالية التي قدمها لعماله ليست فقط ساعدت في تحفيزهم وزيادة الإنتاج، ولكنها أيضًا ساهمت في تعزيز مستوى المعيشة وخلق طبقة متوسطة قوية. هذه الابتكارات في الإدارة والإنتاج تعد من العوامل الرئيسية التي ساعدت فورد في تحقيق نجاحه الباهر وأثرت بشكل كبير على الصناعة العالمية.”