أنت لا تفشل أبداً إلى أن تتوقف عن المحاولة… بهذه الكلمات ختم الطالب مجد مصطفى حديثه عن تجربته لفريق LookInMENA. الطالب مجد مصطفى له تجربة ملهمة ومتميزة في تحصيل فرصة دراسية هي الأفضل في مجاله الدراسي وتخطيه للكثير من الصعوبات خلال رحلته من طالب منقطع عن الدراسة بسبب ظروفه المادية ونادل في مطعم إلى حاصل على منحة إيراسموس من الاتحاد الأوربي.
اسم المنحة Erasmus Mundus Joint Master in Advanced Materials: Innovative Recycling (AMIR)
بلد الدراسة: فرنسا وإسبانيا.
حدثنا عن البدايات، كيف بدأت البحث وما الخطوة الأولى التي اتخذتها؟
الشغف بالبحث العلمي في مجال علوم المواد على المستوى الدولي كان دائماً الدافع الأكبر بالنسبة لي لمواصلة تحصيلي العلمي. بعد تخرجي بالمرتبة الأولى بتقدير امتياز من قسم هندسة المعادن في جامعة البعث في عام 2020، التحقت بدرجة الماجستير في اختصاص علم المواد وهندستها في جامعة دمشق ولكن بسبب الصعوبات المالية لم أتمكن من مواصلة الدراسة، وكشخص طموح للغاية فقد انضممت إلى مضمار المنح الدراسية.
كيف كان طريق البحث؟ ما هي العقبات التي واجهتك وكيف تغلبت عليها؟
بعد بضعة أشهر من البحث الدؤوب عن المنح الدراسية عبر الإنترنت، حصلت على قبول في برنامج ماجستير في علوم وتكنولوجيا المواد في المعهد الهندي للتكنولوجيا IIT (BHU) في فاراناسي من خلال منحة جزئية تدعى Study in India ولكن الطموح العالي دفعني مجددا للبحث عن فرص أفضل، وهكذا تمكنت من العثور على مبادرة تمكين الشباب السوري Syrian Youth Empowerment SYE والتي تقدم برنامج إرشاد أكاديمي ودعم للطلاب السوريين الراغبين في الحصول على منحة دراسية لدراسة درجة الماجتسير خارج سوريا (أميركا وأوروبا على وجه الخصوص)، وكنت محظوظاً بأنه تم قبولي في ذلك البرنامج في حزيران عام 2021. أعددت بعدها خطة للمنح التي سأتقدم إليها شاملةً المتطلبات اللازمة لكل منحة ومواعيد انتهاء التقديم. انعدام الخبرة في كتابة المقالات مثل رسالة الدافع والسيرة الذاتية وعدم توفر شهادة اللغة الإنكليزية (التوفل أو الآيلتس) كانت أحد أبرز العقبات في طريقي، إلى جانب كثرة المحتوى المضلل عبر الإنترنت فيما يتعلق بالمنح الدراسية، ولكن شغفي بالبحث والتعلم الذاتي إلى جانب الدعم الذي تلقيته من مبادرة تمكين الشباب السوري مكنني من تجاوز تلك العقبات. لاحقاً، حصلت على منحة امتحان الدولينغو التي تقدمها منظمة تجمع الشباب السوري (SYA) ونجحت في الامتحان في شباط 2022.
ما هي أبرز المعايير التي كان من الضروري بالنسبة لك توفرها في المنحة ولماذا؟
- أن تكون المنحة ممولة بالكامل (شاملةً رسوم الدراسة وتكاليف المعيشة) بسبب عدم قدرتي على تحمل أية مصاريف.
- وجود باحثين مخضرمين في الاختصاص الذي أتقدم إليه لأن ذلك سوف يساعدني على الخوض في البحث العلمي على مستوى رفيع ويفتح لي العديد من الفرص بعد الانتهاء من دراسة الماجستير.
- أن تكون لغة التدريس بالكامل هي الإنكليزية لأنها اللغة الأجنبية الوحيدة التي كنت أجيدها حينئذ.
برأيك ما هي أبرز نقاط القوة لديك والتي ساعدت في قبول طلبك؟
بالدرجة الأولى، التميز الأكاديمي في مرحلة البكالوريوس ( حائز على جائزة الباسل للتفوق الدراسي بالمرتبة الأولى ثلاثة مرات). لا يقل أهمية عن ذلك تنوع الخبرات العملية والأنشطة اللاصفية ما بين العزف على الجيتار والعديد من التدريبات الداخلية التي أجريتها سواءً في جامعتي أو عبر الإنترنت والدورات عبر منصة كورسيرا المرتبطة بالاختصاص الذي تقدمت إليه والأعمال التطوعية مع بضع مبادرات حول العالم، حيث توليت دور مترجماً ومراجع في منصة TED، مدرس رياضيات في مبادرة Upchieve، وكاتب في مشروع مطر. الصبر والإصرار مهم جداً فقد اضطررت بسبب الضائقة المالية إلى ترك المدرسة عندما كنت طالب بكالوريا وعملت كنادل في مطعم في مدينة طرطوس لمدة عام كامل، وقد ساعدني ذلك في تعزيز مهارات التواصل وإقناع لجان القبول في الجامعات والمنح بقدرتي على تجاوز التحديات لتحقيق أهدافي. بالتأكيد رسالة الدافع هي خلاصة تجاربك وخبراتك وأهدافك (عليك إظهار فهم عميق للاختصاص الذي تتقدم إليه). أخيراً وليس آخراً، الأداء المتميز في المقابلة والتي تعتبر نقطة الفصل برأيي.
كيف كانت البداية بعد وصولك إلى البلد الأجنبي هل واجهت مصاعب مثلًا؟
البداية كانت أجمل مما توقعت. الناس ودودون للغاية في مدينة بوردو ويمكنك التواصل باللغة الإنكليزية في هذه المدينة ولكن ليس على نطاق واسع. زملائي في الجامعة داعمون للغاية وباعتبار أننا نخوض تجربة متشابهة من حيث الاحتياجات والاستفسارات مما سهل الاستقرار بسرعة. استغرق مني الأمر بعض الوقت حتى أعتاد على التطور التكنولوجي ونظام التدريس هنا. عموماً واجهت تحديين عقب وصولي: أولاً، تأخر الجامعة في إعطائي راتب المنحة لمدة شهر كامل بالإضافة إلى قيام أحد المصارف الموجود هنا بإغلاق حسابي البنكي بسبب القيود المفروضة على السوريين. لاحقاً، تمكنت من فتح حساب بنكي جديد في بنك آخر. ثانياً، رفض الجامعة مساعدتي في الحصول على إقامة في السكن الجامعي لأن راتب المنحة أعلى من الحد الأدنى (850 يورو) الذي يُمنح على أساسه الطالب سكناً جامعياً. على كل حال، تمكنت بعد حوالي شهر ونصف من إيجاد غرفة بالسكن الجامعي من خلال التقديم عليها بشكل مباشر عدة مرات بدون مساعدة الجامعة.
ما هي النصائح التي توجهها لمن يسعى للحصول على منحة دراسية؟
- ابدأ في تحضير الأوراق اللازمة للمنح الدراسية في أسرع وقت واعمل على تطوير لغتك الإنكليزية كي تصبح مستعداً لأخذ امتحان اللغة عقب تخرجك.
- اعمل على توسيع معرفتك في الاختصاص الذي تتقدم إليه، يمكنك أخذ بضع دورات في المنصات التعليمية عبر الإنترنت مثل Coursera, edX, Alison وغيرها.
- تشكل الأنشطة التطوعية إضافة جيدة لملفك. هنالك اليوم العديد من فرص التطوع المتاحة عبر الإنترنت والذي يجعل هذه المهمة أسهل بالنسبة إليك.
- البحث ثم البحث، من الصعب أن تجد أحداً متفرغاً بالكامل لمساعدتك في كتابة المقالات المطلوبة للمنح الدراسية والتقديم على الجامعات لذلك لا بد لك من التعلم ذاتياً عبر قراءة العديد من النماذج عبر الإنترنت ولكن إياك والنسخ لأن ذلك كفيل بأن يتم رفضك في معظم الأوقات. يمكنك بالطبع طلب المساعدة من شخص مختص باللغة لمراجعة تلك المقالات.
- الاستفادة من تجارب طلاب تم قبولهم في نفس الاختصاص أو المنحة التي تتقدم إليها. التواصل مع هؤلاء الطلاب عبر LinkedIn هو وسيلة جيدة لذلك ولكن عليك بالتحضير المسبق والقراءة الشاملة لتفاصيل البرنامج قبل أن تطرح أية أسئلة لأنك قد تجد الإجابة عبر الإنترنت.
- شهادة اللغة الإنكليزية (التوفل أو الآيلتس) سوف تعزز ملفك بالتأكيد ولكنها بنظري ليست حجر الأساس ومعياراً كافياً للرفض، حيث إنني وقبل أن أخضع لامتحان التوفل المنزلي قد حصلت على منحة مؤسسة الآغاخان للدراسة في معهد إلينوي للتكنولوجيا في أميركا ومنحة إيراسموس للدراسة في فرنسا وإسبانيا والعديد من المنح الدراسية الجزئية والقبولات الجامعية في أميركا وأوروبا وحتى أنه تم قبولي في برنامج إيراسموس آخر ولكن بدون منحة.
- الرفض حالة طبيعية واعتبره فرصة لتعلم درس جديد. حاول التعلم من أخطائك كي تتفاداها لاحقاً، وتذكر دائماً “أنت لا تفشل أبداً إلى أن تتوقف عن المحاولة.”