مغالطة الاحتكام إلى السلطة Appeal to Authority أو تسمى أيضاً التوسل بالمرجعية وهي عندما يجعل الشخص من سلطة ما -سواء كانت قانوناً أو سلطة دينية أو مرجعية سياسية أو علمية أو حتى شخصاً ما- كدليل مثبت لا لبس فيه لبرهان قضية أو حجة ما بمجرد قول هذه السلطة أن هذه الحجة صحيحة أو دحضها عند قول هذه السلطة أنها خاطئة دون الاحتكام إلى بينة أو برهان ملموس أو مثبت.
تعد هذه المغالطة من المغالطات الشائعة الاستخدام، حتى في العصور القديمة، حين كانت تعد فلسفة أرسطو كعقيدة لا نقاش فيها ولا جدال ويتم الاستشهاد بأقواله والتي كانت تُستحضَر مراراً لإثراء الحديث.
لهذه المغالطة وجهان: فالأول هو الصورة المنطقية الصحيحة لأخذ رأي الخبراء في موضوع ما يقع ضمن مجال خبرتهم ودراستهم، كاستشارة طبيب أورام مثلاً لعلاج ورم ما أو استشارة مهندس معماري لبناء بيت أو مدرسة.
أما الوجه الثاني فهو أنه من غير الصحيح التوسل بالمرجعية في الحالات التالية:
أولاً: عند كون الموضوع خارج نطاق خبرة وتخصص المرجعية أو السلطة.
كسؤال مدرس تاريخ عن أمر يتعلق بالقانون.
ثانياً: في حال كون الاحتكام إلى السلطة غير ضروري وهنا يكون هناك دليل مباشر يخص القضية وتكون الملاحظة المباشرة والدراسات أعلى يقيناً وبينةً من أي سلطة كانت.
فمثلاً محاربة الكنيسة في العصور القديمة لغاليلو الذي قال إن الأرض كروية وقد بينت الدراسات لاحقاً صحة حجته وخطأ الكنيسة.
ثالثاً: في حال وجود خلاف بين الخبراء في المسألة المطروحة، وهنا السلطة أو المرجعية المحتَكم لها لا تمثل رأي جميع المختصين، كما أنهم بالنهاية بشر قد يصيبون أو يخطئون.
كالخلافات بين الأطباء في تشخيص ما أو علاج مرض معين، وهنا يكون من الأفضل أخذ رأي عدد من الأطباء وعدم الاكتفاء برأي واحد فقط.
رابعاً: إذا كان هذا الخبير متحيزاً لجهة ما أو عليه شبهة التحيز، وهنا يمكن القبول بدرجة ضئيلة من التحيز، كون الخبير في نهاية الأمر بشر ذو أهواء وتحيزات، لكن التحيز الشديد وأحياناً لدرجة التعصب للرأي يكون غير مقبول.
فمثلاً الاستناد إلى قول مدرس للغة الفرنسية بأنها ستصبح لغة العلم في المستقبل.
خامساً: عندما يكون مجال الخبرة علماً زائفاً كالتنجيم أو الفأل أو الفراسة أو العلاج بطرد الأرواح الشريرة، حيث لا قيمة لهذه الخبرة مهما ازدانت بالشهادات كونها مستندة على علم كاذب أو مبحث معرفي زائف.
كمثال: استشارة شخص ما لمعرفة الطالع وتحديد رقم الحظ واليوم الأفضل للزواج.
سادساً: إذا كانت هذه المرجعية أو السلطة غير محددة وبالتالي استحالة التأكد من صحتها أو تبيان مصداقيتها كونها مجهولة المصدر أو الاسم، وعادة ما يشار لهذه السلطة غير المحددة بألفاظ عامة “كالمختصين” أو “العلماء” أو غير ذلك.
كمثال: يقول المختصون أن “برسيل” هو أفضل مسحوق غسيل.
سابعاً: عند كون الخبرة غير معاصرة، إذ إن المعارف والعلم يتقدمان بسرعة وقد تكون الخبرات السابقة عرضة للتصحيح أو التعديل في وقت وجيز نسبياً.
وأخيراً ومهما كانت السلطة أو المرجعية ذات شأن ومكانة كبيرة، فهي في نهاية المطاف ليست المنبع الأول للمعرفة First Hand وإنما هي معرفة بالوساطة Second Hand وليست معياراً للمصداقية وفي حال الاضطرار إلى الاحتكام إليها في أمر ما، فيجب عندها عرض الدليل أو البرهان أو البينة التي تستند إليها.