عاد الموظف إلى بيته مهموماً لتسأله زوجته ما بك مهموماً هكذا؟ فأجابها: اليوم أخبرني المدير أنه عليَّ قبول السياسة الجديدة للشركة إن كنت أريد البقاء بوظيفتي، على الرغم من كونها خاطئة ولست مقتنعاً بها، لكن ماذا عليَّ أن أفعل؟ لقد قبلت من أجل الاحتفاظ بوظيفتي فهي من أفضل الوظائف.
يمر أحدهم على قسم الشرطة حيث سيارته محتجزة بتهمة ما ويقول للضابط المسؤول: مرحبا بك، سيارتي كذا وكذا وهي محتجزة عندكم، أريد أخذها لو سمحت، بالمناسبة والدي يسلم عليك، إنه المسؤول الفلاني، لا بد أنك تعرفه أليس كذلك؟
في كلا المثالين السابقين نلاحظ استخدام عنصر القوة والتهديد، ربما بشكل مباشر – كالمثال الأول – أو بشكل مبطن أو غير مباشر تكون عواقبه معروفة لكلا الطرفين – كالمثال الثاني – وهذه الحالة هي مغالطة منطقية تدعى مغالطة الاحتكام إلى القوة أو منطق التهديد أو اللجوء إلى العصا (Appeal to Force/ Stick) (Argumentum Ad Baculum).
ما هي مغالطة الاحتكام إلى القوة؟
تعني كلمة Baculum باللغة اللاتينية العصا وتحدث هذه المغالطة حين يستخدم المتكلم القوة أو العنف أو التهديد سواء كان جسدياً أو نفسياً لجعل الطرف الثاني يرضخ لما يريد ويراه صائباً. كما يمكن أن تسمى أحياناً “مغالطة غاليلو” نسبة للعالم الإيطالي غاليلو.
كمثال آخر على هذه المغالطة ما تقوم به بعض الدول الكبرى لإجبار الدول الأخرى للانصياع لها وفي حال عدم استجابة بعض الدول لسياساتها، تقوم بتطبيق العقوبات الاقتصادية عليها.
متى تكون العصا صائبة منطقياً؟
عندما يكون التهديد أو الخطر ذا صلة مباشرة بالنتيجة أو هو نفسه موضوع النقاش، فإن اللجوء لهذه المغالطة يعدُّ أمراً صائباً وضرورياً أحياناً.
مثلاً: ادرس جيداً ولا تهمل مذاكرتك وإلا انخفضت درجاتك ولن تستطيع دخول الكلية التي تريدها.
من جهة أخرى، تتشابه هذه المغالطة مع مغالطة أخرى تسمى “مغالطة الاحتكام إلى الخوف أو التوسل بالخوف (Appeal to Fear) (Argumentum Ad Metum)”.
وهي مغالطة منطقية تستخدم الخوف والترهيب غير المعقول لإقناع الطرف الآخر بالحجة كأنه يقول “صدقني أو ستحدث أمور سيئة”.
وكمثال: ما حدث خلال جائحة الكورونا 2020 بعد اكتشاف اللقاح، فالعديد من الناس لم يأخذوه من خوفهم منه كونهم سمعوا أنه يسبب العديد من المشاكل في جسم الإنسان.
تشترك هاتان المغالطتان باستخدامهما لعاطفة قوية جداً للسيطرة على الناس وهي الخوف. يُعتبر الخوف من أكثر العواطف التي من أكثر عواطف البشر قوة وقد يدفع الخوف بعض الناس لاتخاذ قرارات بشكل فوري أو اندفاعي دون إلقاء نظرة واقعية على الأمور والنظر إلى الموضوع من جميع جوانبه، بمعنى آخر تحكيم العقل، أو قد يسبب الخوف من الترهيب لهم قبولهم بأشياء لا تتفق مع معتقداتهم أو أفكارهم، حتى لو حكموا العقل هنا، يبقى الخوف من قوة الطرف الآخر وجبروته هو المسيطر.