يعد الحصول على شهادة الدكتوراه (Doctoral degree or PhD) في أي مجال أمر ليس بالأمر اليسير، فهي من أعلى الدرجات العلمية التي يسعى الكثير للحصول عليها لأسباب شتى.
تعتبر شهادة الدكتوراه الشهادة الأكثر تميزاً على مستوى جميع الشهادات العلمية، فهي تحسن من قدرة الطالب، وتساعده على مواجهة المشكلات، التعمق بها وإيجاد الحلول المناسبة لها، كما أنها تزيد من ثقته بنفسه وتوسع علاقاته الاجتماعية والمهنية، وتكسبه مهارات التواصل مع الآخرين سواء داخل أو خارج الوسط العلمي. علاوة على كونها فرصة للحصول على المزيد من التدريب والتعلم، كما تكسب حاملها العديد من الخبرات. تعد شهادة الدكتوراه كذلك بوابة أمام الفرد للحصول على مناصب أكاديمية عليا لكونها تفتح آفاقاً واسعة لحاملها.
لكن يوجد مجموعة من الطلاب ذوي الطموح والشغف والحب للتخصص العلمي الذي يدرسونه، وكذلك المتعطشين لمعرفة وتعلم المزيد. مثل هؤلاء الطلبة يسعون للقيام بدراسات أخرى في مجال البحث العلمي، وهو ما ينعكس عليهم إيجاباً ويؤهلهم بشكل أفضل علمياً وعملياً وشخصياً، ويساعدهم على النضوج الفكري ومواكبة التطور العلمي والاطلاع على أحدث الأساليب والتقنيات. وهو ما يدفعهم للرغبة بإكمال دراساتهم بعد الحصول على شهادة الدكتوراه.
إذاً، ما هي الدراسات بعد الدكتوراه؟
زمالة ما بعد الدكتوراه (Apostdoctoral fellow, postdoctoral researcher, or simply postdoc)، وهي تدريب للأفراد الحاصلين على شهادة الدكتوراه، وهي تعد كنقطة انطلاق بين تجربة الطالب والخبرة المهنية بدوام كامل. يعد البحث في المؤسسات الأكاديمية أكثر أنواعه شيوعاً، لكن باحثي ما بعد الدكتوراه متواجدون كذلك في الصناعة، الحكومة، المنظمات غير الربحية وغيرها من المنظمات غير الأكاديمية. معظم التركيز في هذه المرحلة يكون على البحث، لكن هذا لا يمنع من تواجد فرص أخرى في مجالات كتخصصة كنقل التكنولوجيا والسياسة.
باحثو ما بعد الدكتوراه الأكاديميون Academic postdocs
هنا يركز باحثو ما بعد الدكتوراه الأكاديميون عل البحث والخبرة الأكاديمية، كما يتمتعون عادة بدرجة أعلى من الحرية من طالب الدكتوراه في تحديد الأبحاث، كما يتوقع منهم تأمين المنح أو أن يقوموا بالتدريس إضافة إلى استكمال بحثهم وتقديم ونشر النتائج.
في بعض الأحيان، قد يقدم المخبر العلمي أو المؤسسة الراعية لطلاب الدكتوراه عرضاً أو فرصة لطلاب الدكتوراه ذوي الأداء العالي بالبقاء واستمال البحث أو حتى بدء بحث جديد إما في نفس المؤسسة أو حتى في الفريق نفسه. يعتبر مثل هذا العرض فرصة كبيرة من جهة، لكن من جهة أخرى، قد لا يتمكن الطالب عندها من الحصول على تدريب وخبرة أعلى في حال البقاء في نفس الموقع، لهذا يجب التعامل مع مثل هذه العروض بعناية. علماً أن العديد من أصحاب العمل في المستقبل قد يفضلون المرشحين الذين خاطروا بالانتقال إلى مجال أو فريق آخر، وقاموا بتوسيع مجال خبراتهم، لكن هذا يعتمد على الشخص ومدى شغفه بالبحث الذي يقوم به في النهاية.
باحثو ما بعد الدكتوراه في الصناعة Industry postdocs
في الصناعة، من الممكن أن يختلف باحثو ما بعد الدكتوراه اختلافاً كبيراً بين المؤسسات. يركز معظمهم على العمل الجماعي، مع تقدير التفكير المستقل والتنمية.
يمكن أن ينظر إلى هذه المرحلة كتقطة انطلاق، مكان ما بين منصب مبتدئ ومنصب بحثي عالي القيمة. كما يمكن أن يكون منصب عالِم متميز مع فرصة للحصول على أجر أعلى. بالرغم من كونه منصباً مؤقتاً لعام أو اثنين، لكنه قد يكون بمثابة الطريق إلى منصب دائم داخل المؤسسة. يوفر العديد من باحثي ما بعد الدكتوراه في الصناعة وصولاً أسهل إلى أحدث المرافق، في حين أن العديد من باحثي ما بعد الدكتوراه الأكاديميين لا يوفرون الوصول إلى هذه المرافق إلا من خلال التعاون مع المنظمات الأخرى.
باحثو ما بعد الدكتوراه الحكوميين Government postdocs
يتمتع باحثو ما بعد الدكتوراه الحكوميين ببعض أوجه التشابه مع نظائرهم الأكاديميين والصناعيين.
مثل المناصب الأكاديمية، غالبًا ما يكون هناك توقع لنشر عدد كبير من الأبحاث؛ ومع ذلك قد يكون الراتب المعروض أعلى من راتب ما بعد الدكتوراه الأكاديمي. قد تكون هناك فرص أقل لكتابة المنح الخارجية، مما قد يضر بأي طلبات مستقبلية لمنصب أكاديمي (خاصة المسار الوظيفي). اعتمادًا على المؤسسة، قد تكون هناك فرص أقل للتدريس مقارنةً بباحث ما بعد الدكتوراه الأكاديمي. مثل باحثي ما بعد الدكتوراه في الصناعة، يمكن لباحثين ما بعد الدكتوراه الحكوميين أن يكونوا بمثابة نقطة انطلاق إلى منصب دائم داخل المؤسسة مع إمكانية الوصول إلى أحدث المرافق.
باحثو ما بعد الدكتوراه غير الربحيين Non-profit postdocs
يمكن أن يقدم باحثو ما بعد الدكتوراه غير الربحيين خيارًا أقل تقليدية مع مزايا مماثلة لباحثين ما بعد الدكتوراه الأكاديميين. يمكن أن يغطي تركيز باحث ما بعد الدكتوراه غير الربحي أي موضوع، من ندرة الغذاء إلى إدارة الرياضة. من المحتمل أن يكون هناك تركيز قوي على كتابة المنح والجهود التعاونية، على الرغم من احتمال وجود فرص أقل للتدريس.
كون الفرد باحثاً ما بعد الدكتوراه، يتيح له تقوية وتحسين مهاراته المهنية والأكاديمية في مجال متخصص معين قبل الانتقال إلى منصب دائم. لذلك في حال كنتم أصدقاءنا في حيرة من أمركم حيال متابعتكم للدراسة ما بعد الدكتوراه من عدمها، خذوا بعض الوقت للتفكير في أهدافكم المهنية والمهارات المطلوبة للنجاح في تحقيق هذه الأهداف، كما أنه ليس من الخطأ التواصل وطلب المشورة من أصحاب الخبرة، وكذلك وضع مجموعة متنوعة من الخيارات أمامكم واستكشافها.