لعلها الأهم من بين المهارات الشخصية، لأسباب كثيرة أولها أنها تمهد الطريق لإتقان مهارات أخرى كمهارة التواصل والتفكير النقدي والتحفيز وغيرها، إنها مهارة الإلقاء أمام الجمهور وهي القدرة على استخدام الخطاب للتأثير في الناس وإثارة عواطفهم واستمالتهم نحو فكرة أو مفهوم أو منتج. نقدم لكم في مقالنا هذا المسار الكامل لإتقان هذه المهارة المميزة.

أهميتها والفائدة منها

هذه المهارة مهمة للجميع على اختلاف مجالاتهم المهنية فيحتاجها قادة الجيوش في الخطب العسكرية، والقادة ورجال السياسة، والعلماء في المناقشات والمناظرات، والمحامون والقضاة والأساتذة والمتحدثون التحفيزيون وحتى أنها تفيدنا في حياتنا الشخصية والقائمة تطول يا أصدقاء؛ من خلال أنها تكسبك:

  • القدرة على الإقناع والنقاش السليم: على مر الزمن استخدمت مهارة الإلقاء أمام جمهور في تغيير الآراء ووجهات النظر والتأثير على المحيط، بالإضافة إلى أنك عند الالقاء أمام جمهور ومن خلال تبادل الأسئلة والأجوبة بينك وبينهم تقوي أسلوب النقاش والحوار لديك.
  • تطوير مهارات القيادة والتواصل والتفكير النقدي ومهارات العرض والأداء Performance Skills أي المزيد من المهارات الشخصية لتضيفها لسيرتك الذاتية أو لتطور وتوسّع عملك.
  • التقدم المهني: فكما قلنا امتلاكك لها يكسبك نقاط إضافية عند التقدم لعمل، ويجعل المقابلات أسهل وأنجح، كذلك فإن الإلقاء أمام جمهور في مناسبات متتالية يجعلك وجهاً مألوفاً ويصبح الناس أكثر ميلاً لمناقشتك فهي تشير لامتلاك صاحبها أساليب التفكير النقدي والإبداع وتحمل المسؤولية، كما أنها في مجالات التسويق تساعدك على كسب المزيد من الزبائن.
  • تعزيز الثقة بالنفس: أجريت العديد من الدراسات على أشخاص من فئات عمرية مختلفة ممن قد أجروا تجارب متعددة في الإلقاء أمام جمهور ان هذا قد زاد ثقتهم بنفسهم، فهم أكثر قدرة على مشاركة آرائهم وأفكارهم مع العالم وهم أكثر قدرة على التعامل مع الخوف والتوتر المرافق.
  • توسيع دائرة معارفك وعلاقاتك المهنية والشخصية.

متى تعتبر ناجحة؟

هناك عدة صفات على الشخص التمتع بها حتى يتقن هذه المهارة بعضها يمكن العمل عليه وتطويره مع الوقت، وهذه الصفات هي:

  • القدرة على التأثير واستمالة العواطف.
  • الذكاء والمرونة.
  • سرعة البديهة والقدرة على حل المشكلات.
  • اللباقة والتحدث بجرأة دون تأتأة أو استخدام كلمات الحشو.
  • الإلمام بالعلوم المختلفة.
  • الاهتمام بالمظهر وارتداء الملابس المناسبة
  • وطبعاً الصدق والأمانة.

أنواعها

الخطب الاحتفالية Ceremonial Speaking


وهي غالباً ما تتم في المناسبات الشخصية التخرج والأعراس والجنائز أحياناً، أي في مناسبات تجمع الأشخاص فيها علاقات شخصية أو عاطفية وليست مهنية بالضرورة.

الخطب التوضيحية Demonstrative Speaking

غالباً علمية وتهدف لجعل الجمهور عالم بكيفية حدوث عملية ما، حيث تتضمن أن يتحدث المُلقِي عن موضوع أثناء قيامه بتمثيل الفعل. مثلاً، قد يتحدث عن فن الأوريغامي أثناء قيامه بتطبيقه أمام الجمهور.

الخطب الإعلامية Informative Speaking


في هذا النوع يريد الملقي إيصال وتقديم المعلومات وليس إقناع الجمهور بوجهة نظر أو تعليمهم كيفية إنجاز عملية ما. نرى هذا النوع في المحاضرات الطلابية وفي المؤتمرات كذلك.


خطب الإقناع Persuasive Speaking


من اسمها تهدف لإقناع الأشخاص بفكرة أو مفهوم معين وتستخدم الكلمات والأساليب المؤثرة بعاطفة الأشخاص غالباً، يعتمدها رجال السياسة ورجال الدين والمحامون، الشخص المُلقي يكون بانتظار نتيجة أو مردود منها، فالسياسيون مثلاً يستخدمونها للحصول على أصوات الجمهور وماشابه.

أدوات بإتقانها تتقن الإلقاء أمام الجمهور

الصوت والنطق

من المهم جداً أن تكون قادر على التحكم بنبرة صوتك وتغييرها بما يناسب الخطاب بحيث تتوقف وتتابع بتوقيت مناسب دون أن يقاطعك حاجتك لأخذ نفس؛ ومن أجل ذلك ننصحك بتتفيذ تمرين التنفس وتكراره: ضع يدك على بطنك وخذ نفس إلى بطنك أي بحيث تتحرك يدك، بحيث يكون الشهيق لمدة 6 ثوان والزفير لمدة 4 ثوان مع حبس النفس لمدة ثانيتين بين العمليتين.

لغة الجسد

من الأدوات الأساسية والمهمة جداً، فهي تضمن لك استمرار الناس في التركيز بالخطاب في حال استخدمتها جيداً، وتضمن عودتهم ورغبتهم في سماع خطاباتك مرة أخرى، فمثلاً عليك أن تقف باستقامة وظهر مشدود، تجنب وضع اليدين في الجيوب فهذا مؤشر توتر، لا تدر ظهرك للجمهور أبداً، راقب يديك وتجنب لمس وجهك أو رقبتك كثيراً فهذه أيضاً مؤشرات توتر وقلة ثقة بالنفس، وأيضاً فإن التواصل البصري مهم للغاية، وحافظ على ذراعيك منبسطين، وإذا كان الإلقاء على منصة فتجنب المشي السريع أي اجعل خطواتك بطيئة وكبيرة لحد ما.

مهارات الكتابة والتأليف

الإلقاء أمام الجمهور لا يعتمد على أسلوب العرض والتقديم فقط بل أيضاً يحتاج مهارة في الكتابة والتأليف. يجب أن يكون الخطاب منطقي، مترابط، مفهوم، بكلمات بسيطة ومألوفة؛ قد يفيدك استخدام القصص وإدخال حس الفكاهة على الحديث الذي يكسبك ثقة بنفسك ويزيد تركيز الجمهور بما تقوله.

مهارة العرض التقديمي PowerPoint

لا يستخدم الجميع هذه الأداة ولكنها تعتبر إضافة مميزة لتسهيلها العملية؛ يجب أن تكون السلايدات مفهومة ومسلية وبسيطة، إن لم تملك القدرة على تصميمها فمن الأفضل الاستعانة بمختص ليعدّها لك. نذكّر أنها ليست أساسية أي إذا لم تكن مرتاحاً لإدخالها في عرضك أو بالتعامل معها فيفضّل أن تتجنبها لأنها قد تحمل تأثير عكسي في هكذا حالة.

كيف ننظم خطاب مميز؟

أهم ما في خطابك هو المقدمة، فإذا أردت جذب انتباه الجمهور حتى نهاية الخطاب عليك أن تجعل المقدمة مثيرة للاهتمام؛ ولكن كيف؟

  • يجب أن تمتلك جملة مفتاحية، تتضمن الفكرة الأساسية التي تود إيصالها من خطابك، فتكون الجملة المفتاحية هي ما تعود إليه كل مرة عند رغبتك بإضافة فكرة جديدة لترى فيما إذا كانت مناسبة أم لا، وانطلاقاً من الجملة المفتاحية تحدد الشكل الذي ستطرح فيه المقدمة.
  • يمكن أن تكون المقدمة قصة،  قد تكون خيالية أو حقيقية ولكن مؤثرة وعاطفية لتجذب انتباه الجمهور، وطبعاً أن تكون ذات صلة بموضوع الخطاب ومستوحاة من جملتك المفتاحية.
  • إحصائية مرتبطة بالموضوع، الأرقام لم ولن تفشل أبداً في جذب انتباه السامع، فهي تجعل العقل يلتفت لموضوع الحديث فوراً، لذا سيفيدك البدء بإحصائية أو بدراسة تحوي أرقام.
  • سؤال، كما ذكرنا فإن مفهوم المقدمة الجيدة هي التي تجذب انتباه المستمع ليبقى مركزاً في الخطاب حتى النهاية، وما هي الطريقة الأجمل لتحقيق ذلك من طرح سؤال ملفت مثير للجدل يحفز العقل لاستعادة الأفكار المرتبطة بالنقاش والتركيز على ما يُطرح أمامه من أفكار. 
  • دعابة أو نكتة، فالضحك دوماً مرغوب ويحمل وقع إيجابي.
    بالإضافة لذلك الذي يخص المقدمة، فإن قليل من الجهد في صياغة خاتمة مناسبة أيضاً لاشك سيزيد نجاح الخطاب، كأن تختم باقتباس أو قول مأثور أو سؤال ملخص لجملتك المفتاحية بحيث تكون إجابته اللامعة هي ما طرأ في خطابك وبالتالي تترك أثراً طويل الأمد في الجمهور. لكن تذكر أن تبقي الخاتمة جملة واحدة مباشرة وصريحة.

نصائح لإتقان مهارة الإلقاء أمام جمهور

التدريب المستمر


الكثير يعاني من التوتر ورهبة الجمهور، لكن مع المواظبة على التدريب سيصبح الأمر أكثر سهولة. كما أن مشاهدة أشخاص آخرين يقومون بالأمر سيفيدك كثيراً، سيلهمك لأساليب واستراتيجيات جديدة تستخدمها أنت، وسيفيدك في تجنب الأخطاء التي وقعوا بها، ومن الأماكن التي ستوفر لك ذلك:

خطابات TED أو TED talks: لابد أنكم سمعتم بها مسبقاً، ولاريب من ذلك فهي أول ما يتبادر إلى الذهن عند سماع جملة الإلقاء أمام جمهور أو Public Speaking، ممتعة ومفيدة فأنت تسمع تجارب أشخاص ناجحين بحق، وتأخذ الإلهام منهم في مجالات كثيرة، كما تستفيد مما يقدمونه من معلومات إضافة لاستفادتك في مجال الإلقاء أمام الجمهور.

خطابات واجتماعات Toastmasters: وهي منظمة دولية غير ربحية تسعى لتطوير مهارات الالقاء والتواصل لدى الناس من خلال اجتماعاتها ومسابقاتها.

مواجهة الخوف والتوتر من الجمهور

هي حالة موجودة لدى الغالبية العظمى، حتى أعظم الأشخاص في هذا المجال قد عانوا منها في بداياتهم ولكنهم أصبحوا أكثر قدرة على التعامل معها ومنعها من إعاقة طريقهم، ولكن كيف؟
علينا أن نتفق أولاً أنها حالة طبيعية للغاية وأنها لن تزول نهائياً للأبد، ولكنها بالخطوات الصحيحة سيصبح تأثيرها شبه معدوم على ثقتنا.
شرب الماء بكميات كافية.
تنفيذ تمرين التنفس العميق الذي ذكرناه منذ قليل، فهو أيضاً وسيلة علاجية لمن يعانون من توتر مزمن.
هذه الحيلة غريبة قليلاً لكن ثقوا بها فلها نفعها: الوقوف قبل دقائق من العرض بوضعية أحد الأبطال الخارقين، مثل أن تضع اليدين على الخصر والرأس مرفوع والظهر مشدود.
الأمر كله يعتمد على العقلية لديك، كلما كانت عقليتك مرنة أكثر، كان الأمر أسهل.

عند استخدام الـ PowerPoint

ذكرنا هذا الاستخدام قبل قليل، لكن ما يجب التأكيد عليه هو أن تكون السلايدات المستخدمة قليلة وعملية،  أي خالية من كلام الحشو وتركز فيها على التأثير البصري باستخدام صور توضيحية أو مخططات بيانية وجداول بسيطة وواضحة. ونكرر أنه لا ضير في عدم استخدامها فالكثير من خطابات TED العظيمة والمعروفة لم يستخدم أصحابها هذه الأداة فيها.

نصائح أُخرى

في حال كان خطابك عن موضوع علمي، تذكر أن الجميع يحب تعلم المزيد وفي مجالات مختلفة ولكن ليستمتعوا ويتابعوا معك عليك باستخدام المصطلحات البسيطة والواضحة لمن هم من خارج مجالك، وبسّط الأفكار لهم واحذر التعالي.
يمكنك تدوين ملاحظات للاستعانة بها أثناء الإلقاء ولكن اجعلها مجرد أفكار رئيسية دون تفاصيل لأن أحداً لا يحب أن يشاهد شخص يقرأ عن الورق، وتحدث بعفوية وقوة.

فيديوهات يوتيوب مساعدة

قد يعتقد البعض أنها غير مهمة له في عمله، ولكن مهارة الإلقاء أمام جمهور تتخطى مجرد هدف الإفادة في العمل لتفيد مالكها في حياته الشخصية وكل جانب من جوانب حياته أساساً.