يمكن للأفراد ذوي الذكاء الاجتماعي الشعور بما يشعر به الآخرون، ويعرفون بشكل حدسي ما يجب قوله في المواقف الاجتماعية، ويكونوا واثقون من أنفسهم، حتى في أشد الظروف، و ليس من السهل إتقان الذكاء الاجتماعي، فإن العمل نحو ذكاء اجتماعي قوي يمكن أن يؤدي إلى حياة أكثر ثراءً أو على الأقل، وقتاً أسهل في تكوين صداقات جديدة و نجاح مستمر في المجتمع.

الذكاء الاجتماعي

هو القدرة على بناء العلاقات بنجاح والتعايش في كل البيئات الاجتماعية بشكل سليم، لأن مجتمعاتنا تركز بشكل كبير على ذكاء الكتب ومعدل الذكاء العقلي، لكن علاقاتنا الاجتماعية تؤثر على جزء أكبر من حياتنا.

إن الذكاء الاجتماعي أهم بكثير من ذكاء الكتب،لأن بناء علاقات اجتماعية قوية و تنمية دائرة المعارف و التواصل المدروس مع المجتمع يعمل على تحسين نظام المناعة لدينا و الذكاء الاجتماعي هو طريقنا نحو النجاح لأن القوة بالجماعة وليس بالفرد المنعزل عن محيطه، وتعد الوحدة والعلاقات الضعيفة من أهم مصادر التوتر والمشاكل الصحية والاكتئاب و الفشل العملي، لذا تؤثر علاقاتنا على كل مجال من مجالات حياتنا من الأهل إلى الزملاء إلى الأزواج إلى الأصدقاء إلى الأطفال.

قال تعالى في كتابه الكريم: “يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَىٰ وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا ۚ إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ ۚ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ.” سورة الحجرات (13)

حافظ على تمرين عقلك الاجتماعي بشكل مستمر

النخبة المتميزة بهذا النوع من الذكاء الاجتماعي هم المدراء الناجحين، وأفراد التسويق، وكل من يجيد التواصل بذكاء مع محيطه، فإنهم يستطيعون معرفة كيفية العثور على أنفسهم في مجموعة من الأشخاص وهم دائماً على استعداد لتقديم إجابات مناسبة على كل استفسار.

بعبارة أخرى، يستطيعوا أن يكونوا “الشخص المناسب” دوماً.

لقد درّبوا عقولهم على التنبؤ بسلوك الأشخاص من حولهم من خلال محاكاة حركاتهم دون وعي، و هذا ساعدهم على الشعور كما يشعر من حولهم، و على التحرك أثناء تحركهم، أي ببساطة تعرضوا لكمية مشاعر كبير أثناء حياتهم مما مكنتهم الاحساس بظروف الآخرين لذا أحسنوا التعامل مع التحديات التي تواجههم، وليس من المستغرب أن يكون لدى الأشخاص الذين لديهم مهارات اجتماعية أفضل أصدقاء أكثر، و علاقات أكثر، ويعرفون كيفية رعاية هذه العلاقة، وهذا يقودهم إلى الحصول على وظائف ناجحة دائما وحياة أكثر سعادة بشكل عام.

علامات الذكاء الاجتماعي

يُظهر الأشخاص الأذكياء اجتماعياً السمات الأساسية التي تساعدهم على التواصل والتواصل مع الآخرين و منها:

الاستماع الفعّال (Effective Listening)

الشخص الذي يمتلك ذكاء اجتماعي لا يستمع فقط للرد ولكنه يهتم حقاً بما يقوله الاشخاص، من جهة أُخرى يقوم الأشخاص الآخرون بإنهاء المحادثة معتقدين أنهم قد وصلوا إلى المعلومة المطلوبة و قاموا بالتواصل الصحيح.

مهارات المحادثة (Conversational Skills)

نجد عند من يتقن فن الذكاء الاجتماعي بأن لديه مهارات المحادثة التي تمكنه من إجراء مناقشة مع أي شخص عمليا.

و تجدهم لبقون و يملكون روح الدعابة، وصادقون في هذه المحادثات، ويذكرون تفاصيل كثيرة حول الأشخاص من حولهم لذا لديهم مقدرة بإدارة الحوار ليكون أكثر وضوحا و فعّالية.

مهارة إدارة الانطباع (Impression Management Skills)

يُعتبر الأشخاص أذكياء اجتماعياً من خلال الانطباع الذي يتركونه عند الآخرين.

وهو توازن دقيق بين إدارة الصورة التي يصوروها للآخرين من جهة والتحكم فيها وبين أن تكون ” أصيلاً ” بشكل معقول والسماح للآخرين برؤية الذات الحقيقية، ربما يكون هذا هو العنصر الأكثر تعقيداً في الذكاء الاجتماعي.

عدم الدخول بالجدل (Lack of Arguing)

يدرك الشخص الذي يتمتع بذكاء اجتماعي أن الجدل أو إثبات نقطة حوار معينة، بجعل شخص آخر يشعر بالسوء ليس هو السبيل للحقيقة أو الأمور الصحيحة.

إذ أنه لا يرفض تماماً أفكار الآخرين، بل يستمع إليها بذهن متفتح  حتى عندما لا تكون فكرة يتفق معها شخصياً.

كيفية البدء بتطوير الذكاء الاجتماعي

يمكن أن تساعد بعض الاستراتيجيات الشخص على بناء المهارات الاجتماعية بشكل صحيح، ومن هذه الاستراتيجيات التي يمكن أن تساعد على تطوير الذكاء الاجتماعي:

الانتباه السليم للبيئة المحيطة بنا

الأشخاص الأذكياء اجتماعياً يكونون ملتزمين ويهتمون بالإشارات الاجتماعية الدقيقة لمن حولهم.

إذا كنت تعتقد أن شخصا ما في حياتك لديه مهارات قوية مع الأشخاص، فراقب سلوكه وكيفية تفاعله مع الآخرين.

دراسة لغة الجسد و استعمالها بشكل مستمر

من أهم خطوات تطوير الذكاء الاجتماعي  هو لغة الجسد السليمة، لأنها تساهم بعملية التواصل الصحيح مع البيئة المحيطة بنا و ايصال الفكرة أو التعبير عن المشاعر بشكل صحيح.

العمل على زيادة الذكاء العاطفي

على الرغم من أن الذكاء العاطفي يشبه الذكاء الاجتماعي، إلا أن الذكاء العاطفي يتعلق بشكل أكبر بكيفية التحكم في عواطفك وامكانية التعاطف مع الآخرين.

يمكن للشخص الذكي عاطفياً التعرف على المشاعر السلبية و الايجابية والتحكم فيها، مثل الإحباط أو الغضب، أو النجاح و الفرح، فعندما يكون في بيئة اجتماعية مقاربة، أو مر بنفس تلك الظروف، يستطيع أن يقوم بالحكم الصحيح أو أداء المهمة الموكلة اليه بنجاح.

احترام اختلاف الثقافات

على الرغم من أن معظم الناس يتعلمون مهارات الأشخاص من عائلاتهم وأصدقائهم والمجتمع المحيط بهم، فإن الشخص الذكي اجتماعياً يدرك أن الآخرين قد يكون لديهم استجابات وعادات مختلفة بناءً على تربيتهم.

لذا يعمل دائما على تتبع المعرفة الاجتماعية و عادات الشعوب و الابتعاد عن التنمر و العنصرية بأي شكل من الاشكال، فهذه سمة مهمة لأصحاب الذكاء الاجتماعي، أي أنهم قادرين على تفهم كافة الشعوب و العادات بغض النظر عن قناعاتهم الشخصية.

الحفاظ على قيمة ومكانة الأشخاص

يتمتع الأشخاص الأذكياء اجتماعياً بعلاقات عميقة مع الأشخاص المهمين بالنسبة لهم، لذا يحرصون على التفاهم المستمر معهم و الابتعاد عن المشاكل و يعملون بشكل مستمر على تقوية هذه العلاقات وتعزيزها.

“هنا يجب الانتباه  من فخ النفاق الاجتماعي، لأن تقدير مكانة الأشخاص المقربين  يجب أن ينبع من القلب فقط وليس المصلحة المؤقتة”.

طرق الوصول إلى ذكائك الاجتماعي الفعّال

البروتوكولات (The Protoconversation)

هناك الكثير مما يجري وراء كلماتنا، بينما نتحدث، تأخذ أدمغتنا التعبيرات الدقيقة و نغمات الصوت والإيماءات والفيرمونات، و يتمتع الأشخاص الذين يمتلكون درجة عالية من الذكاء العاطفي بوعي أكبر بمحادثتهم الأولية.

إنشاء قاعدة آمنة (Your Secure Base)

القاعدة الآمنة هي مكان أو طقس أو نشاط يساعدنا في معالجة المشاعر والأحداث، و تعُد مفيدة لسببين رئيسيين: أولاً، تمنحنا مكاناً لإعادة الشحن النفسي قبل التفاعلات حتى لا نشعر بالإرهاق، ثانياً، تساعدنا في معالجة كل لقاء اجتماعي والتعلم منه.

كسر الروتين

أكبر المخاطر في الذكاء الاجتماعي هو الافتقار إلى التعاطف، لذا علينا أن نجعل علاقاتنا مع الاخرين بعيدة كل البعد عن الروتين، أي لا نجعل العلاقة بأحدهم عبارة عن روتين يومي لأن هذا يجعل هذه العلاقة الخالية من العواطف، مما ينعكس سلباً بشعور عدم الاطمئنان و الإحساس المستمر بالنقص مما يجعل العقل غير مدرك للأخطاء الناتجة عن فقدان العاطفة.

الكفاءة في اتخاذ القرارات في المواقف الاجتماعية

إن الشخص في تفاعله مع الآخرين يواجه مواقف مختلفة وعليه أن يسلك فيها سلوكا معيناً، فالشخص الذي يحسن التصرف في مثل هذه المواقف الصعبة، أو تبعاً لمعايير معينة، هو الشخص الناجح في التعامل مع الآخرين، والذي يتمتع بالقدرة على التعامل معهم.

فهم السلوك الاجتماعي

ويتمثل في القدرة على ملاحظة السلوك الإنساني، والتنبؤ به من خلال بعض المظاهر، فالشخص الذكي اجتماعياً يستطيع أن يتعرف على حالة المتحدث، من خلال بعض الإشارات البسيطة التي تصدر عنه، أو أوضاع معينة لجسمه، ليقوم بتحليل هذه الأمور لإعطاء رد الفعل المناسب أو من أجل إتخاذ قرار يناسب هذه اللحظة.

تطوير الاستراتيجيات للمواقف الصعبة

باختصار هذه أدوات يجب التفكير فيها مسبقاً عند ظهور المواقف العصيبة، يسميها البعض “الخطة ب”.

نصائح هامة عن الذكاء الاجتماعي

  • الحفاظ على تقديم الخدمات باستمرار للآخرين.
  • احتضان وقيادة التغيير بشكل دائم.
  • نشر المرح وقليل و السرور.
  • بناء علاقات مفتوحة وصادقة مع الناس و مراعاة التواصل الفعّال معهم بشكل دائم.
  • بناء فريق إيجابي و نشر روح الأسرة.
  • فعل الكثير بالقليل.
  • الشغف و الحزم من أولويات مهارة الذكاء الاجتماعي.
  • التواضع هو مفتاح النجاح والمكانة الاجتماعية الراقية.

اقتباسات عن الذكاء الاجتماعي

  • “الاستغراق في الذات بجميع أشكاله يقتل التعاطف، ناهيك عن التعاطف، عندما نركز على أنفسنا، فإن عالمنا ينكمش بينما تلوح مشاكلنا و انشغالاتنا بشكل كبير، لكن عندما نركز على الآخرين، يتسع عالمنا، تنجرف مشاكلنا الخاصة إلى محيط العقل وبالتالي تبدو أصغر، ونزيد من قدرتنا على الاتصال و العمل المريح “، دانيال جولمان.
  • “إذا كنت على وسائل التواصل الاجتماعي، ولا تتعلم، ولا تضحك، أو لا تكون مصدر إلهام أو لا تتواصل، فأنت تستخدمه بشكل خاطئ”، المانيا كينت.
  • “الذكاء الاجتماعي دائماً في مرتبة عالية، يمكّن الإحساس الحاد بالتعاطف أن يحدث فرقاً كبيراً، ومعه القدرة على التلاعب وكسب التعاون والخداع “، إدوارد و. ويلسون.
  • “يمارس البشر مسؤولياتهم في إطار اجتماعي وإطار من الالتزامات التي تتجاوز مبدأ الذكاء”، مايكل بولاني،
  • “عملك هو أعظم وسيلة تحت تصرفك للتعبير عن ذكائك الاجتماعي”، روبرت جري.

ادرس المواقف الاجتماعية، وانتبه لما يقوم به الناس بشكل جيد والأخطاء التي تريد تجنبها،  بعد ذلك، فكر فيما تريد القيام به بشكل مختلف في الموقف الاجتماعي التالي الذي تدخله، وكن استباقياً في تحسين مهاراتك، وتذكر أنك ستفشل أحياناً، وتعلم من إخفاقاتك وكذلك نجاحاتك.