إذا كنت حديث التخرج أو مررت بهذه المرحلة من قبل، مؤكداً أنك وقفت مطولًا لتسأل نفسك عمّا ستفعله في السنوات المقبلة من عمرك، أي المسارات عليك أن تمضي بها وأي المهن التي ستعمل بها! هل عليك أن تعمل في مهنة تتسق مع تخصصك الدراسي الذي قضيت فيه 4-5 سنوات؟ أم عليك العمل بمجال غير مرتبط بما درسته وتخصصت به؟ حالة الحيرة والضياع تلك وسيل الأسئلة التي لا تنتهي هي سمة مميزة لمرحلة ما بعد التخرج! لكنها مرحلة مهمة وضرورية لتحديد مسارك المهني واستكشافك لقدراتك ومهاراتك. في هذا المقال سوف نشخص لك المشكلة ونقترح بعض الحلول لك.*

أولًا: الجامعة ليست مركزًا للتأهيل المهني

تبدأ المشكلة من اعتقاد معظمنا بأن الجامعة هي فترة بناء المسار المهني! لكن في الواقع، مرحلة الدراسة الجامعية لا يمكن اعتبارها سوى الخطوة الأولى في مرحلة بناء المسار المهني.. دور الجامعة هو دور تعليمي وليس مهني؛ أي أنها لا تصنع منك فردًا مؤهلًا لدخول سوق العمل. لذلك حاول الاستفادة من الجامعة بأن تتعلم ما أمكنك، وأن تتعمق بكافة المواد الدراسية، وألا تهمل أي مادة! لأن بعض المواد سيكون لها أهمية أكثر من غيرها في كل مسار مهني ستسلكه.

ثانيًا: أنت غير ملزمٍ بالعمل ضمن تخصصك الجامعي

من الممكن جدًا ألا تجد فرصة العمل الملائمة لتخصصك، وهذا لا يعني نهاية العالم! بإمكانك العمل بمجالٍ مرتبطٍ بتخصصات أخرى، أو حتى تلامس تخصصك ولو من بعيد. وهذا بدوره أيضًا لا يعني أنك قد أضعت وقتك بدراسة هذا التخصص! لا أبدًا، بإمكانك البناء والاستفادة من بعض المارات أو المعارف التي اكتسبتها من تخصصك السابق، وهذا ما يسمونه في الموارد البشرية بـ “المهارات المنقولة أو القابلة للنقل”.

ثالثًا: اهتم ببناء المهارات خلال المرحلة الجامعية

نحن نعيش الآن في عصر اقتصاد المهارات، فقد مضى وولّى عهد الموظفين التقليديين، وباتت الشركات اليوم تبحث عن المهرة والمبدعين! أي أن المهارات اللي تمتلكها هي التي ستساعدك على إيجاد العمل المناسب لك وتساهم ببناء نجاحك المهني. أصبحت المهارات ضرورةً، لا ترفًا فكريًا. فما هي المهارات المطلوبة لسوق العمل إذًا؟ وما هي مجموعة المهارات التي عليك العمل على اكتسابها خلال المرحلة الجامعية؟

  1. أهم مهارة هي اللغة الإنكليزية، ولا داعي للتفصيل في الحديث عنها… فهي حجر الأساس لاكتسابك باقي المهارات وتطوير معارفك. من هنا يمكنك الولوج لعشرات المقالات التي تضمن لك تطوير مهارتك وتحديث أدواتك لتقوية لغتك.

  2. المهارات التقنية، سواءً مهارات الحاسوب، مثل التعامل مع Windows وسلسلة برامج Office لأداء المهام المختلفة، وبرامج التصميم البسيطة، والبرامج الاختصاصية التي تهمك في مجال عملك تحديدًا. بالإضافة إلى مهارات الإنترنت المتنوعة، مثل البحث المتقدم على الإنترنت والتخزين السحابي وبرامج عمل الفرق مثل Microsoft Teams وبرنامج Trello… إلخ. دون أن ننسى أيضًا منصات التواصل المهني مثل LinkedIn، والتواصل الاجتماعي، وأدوات Google المختلفة. جدير بالذكر أيضًا أن البرمجة اليوم لم تعد مهارة خاصة بالمبرمجين والعاملين في قطاع التقنية، بل باتت اليوم مهارة تدرّس حتى للأطفال وتساعدهم على تطوير منطقهم وتعاملهم مع المشكلات الصعبة. وكل هذه الأدوات التقنية مهمة للعمل في أي مجال كان. تعرف على البرمجة عن قرب من هنا: البرمجة

  3. مهارات التحدث والخطابة والمناظرة والتفاوض، وهي مهارات تكتسبها من خلال التطوع والمشاركة بالنشاطات الجامعية والفعاليات المختلفة، وبإمكانك توظيفها في أي فرصة عمل. اقرأ المزيد من هنا: التحدث أمام الجمهور

  4. مهارة كتابة المحتوى، فهي مهارة تفتح لك الباب على الكثير من الفرص في عدة مجالات، منها كتابة المحتوى الإعلاني والكتابة في المدونات ومنصات التواصل، وحتى كتابة المحتوى للفيديوهات. بإمكانك أن تجعل منها مصدر دخل جانبي يعينك على تغطية مصاريفك الكثيرة! لمزيد من المعلومات عن هذه المهارة: دليلك الشامل لمهارات ونصائح كتابة المحتوى | مهارات الكتابة – دليلك الكامل لهذا المجال

  5. مهارات البيع والتسويق، وهي من ألف باء سوق العمل اليوم، لا أقصد البيع والتسويق بتعريفه العام، وإنما عليك أن تتعلم كيف تبيع نفسك وتسوف لمنتجاتك وخدماتك المختلفة. اقرأ المزيد عنها: تعرف على التسويق الذاتي .. كيف تسوق لنفسك وكيف تزيد فرصك في العمل الحر | خطوات لإيجاد أول فرصة عمل

رابعاً: بناء العلاقات

“مرحلة ما بعد التخرج هي فترة حاسمة لبناء شبكة علاقات مهنية قوية. يُعد التواصل مع الخريجين السابقين والمهنيين في المجالات المتعلقة بتخصصك جزءًا لا يتجزأ من هذه العملية. يمكنك استخدام وسائل التواصل الاجتماعي المهنية، مثل LinkedIn، وحضور الندوات وورش العمل لتوسيع دائرة معارفك. كما يجب ألا تُغفل أهمية التدريب الداخلي والعمل التطوعي، حيث يمكنهما أن يوفرا لك خبرة عملية قيمة ويفتحا لك أبواباً لفرص عمل محتملة. بالإضافة إلى ذلك، ضع في اعتبارك أهمية إعداد سيرة ذاتية محكمة ومصاغة بعناية، تعكس مهاراتك وإنجازاتك الأكاديمية والعملية. وأخيرًا، يجب أن تكون مستعدًا لمقابلات العمل من خلال التدرب على الإجابة على الأسئلة الشائعة وتقديم نفسك بثقة واحترافية. هذه الخطوات ستكون داعمة لك في رحلتك المهنية وستساعدك على التغلب على التحديات التي قد تواجهها في هذه المرحلة الانتقالية المهمة.”

في الختام، المرحلة الجامعية والمرحلة التي تليها تتسم بالضياع لدى معظمنا. وهذا شيء طبيعي جدًا. لذلك دعنا نصفها بمرحلة الاستكشاف بدلا من الضياع، لأنها في الحقيقة مرحلة البحث عن ذواتنا وتقصي العمل المناسب لنا. دع عنك المشاعر السلبية وعش هذه المرحلة بكل تفاصيلها، لأنها ستشكل وعيك ومستقبلك.

اقرأ أيضًا: 5 طرق للحصول على الخبرة في أي مجال | 5 نصائح لتكون صيدلانيًا متميزًا في سوق العمل