الكتابة تعد واحدة من أهم اكتشافات الإنسان خلال مسيرته الحضارية على مر التاريخ وأكثرها أثرًا في حياته على الإطلاق، فهيي الي منحته بعدًا جديدًا في التواصل، مكنته من التوسع المعرفي، وأعانته على الاستفادة من التراكم المعرفي الذي حصل بعد عمليات التدوين.
بل وأكثر من ذلك صارت اكتشاف الكتابة حدثًا تاريخيًا فريدًا فبتنا نسمع في السياقات التاريخية دومًا عصر ما قبل التدوين وما بعده.
أما اليوم تتضح أهمية الكتابة من كونها تعد جمع لفنون اللغة والتي عن طريقها نوظف ما لدينا من أفكار ومعلومات في الموضوع المكتوب، فالكتابة تنمي مهارات التفكير لدينا فنقول عمن يكتب إنه يفكر بقلمه. ويتضح هذا جليًا في طريقة عرضنا للمواضيع وترتيب أفكارنا واسلوبنا في صياغة الكلمات والجمل التي تؤدي معنى محدد نقصده.
ولتحقق الكتابة الغرض منها، اعتاد الأوساط الأدبية تصنيف الكتابة إلى نوعين هما الكتابة الوظيفية والكتابة الإبداعية والذين سنتعرف عليهما في هذا الموضوع.
الكتابة الوظيفية
وهي النوع من الاتصال الذي يكون بغرض تواصل الناس بعضهم ببعض بغرض قضاء حاجاتهم وتنظيم شؤونهم أي تتصل بمطالب الحياة ولا تخضع لأساليب التجميل اللفظي والخيال.
فالفرد منا يحتاج للكتابة في حياته اليومية لقضاء مصالح واحتياجات فنستخدم الكتابة الوظيفية لتحقيق تلك المصالح، مثل
- إحبار الآخرين أو تعليمهم بأمر ما
- شرح شيء ما وتوضيحه
- النصح والتعليل
- التعبير عن الأفكار، المعتقدات أو العواطف
وكل هذه الغايات تجعل من الكتابة الوظيفية مهارة أساسية من المهارات الحياتية في سبيل التواصل وممارسة أنشطة اجتماعية مختلفة من حولنا.
صفات الكتابة الوظيفية
- يغلب عليها الأسلوب الخبري التقريري
- الموضوعية في العرض
- الدقة والوضوح وعدم احتمالها للتأويل
- ارتباطها بمجالات حياتية محددة
- المباشرة في العرض
- دقة الإيجاز
- الأمانة العلمية في عرض الأفكار
هذه أبرز وأهم خصائص الكتابة الوظيفية وسماتها، لنتعرف الآن متى أين نستخدم هذا النوع من الكتابة
مجالات الكتابة الوظيفية
يستخدم هذا النوع من الكتابة في
- التلخيص
- الرسائل والخطابات
- التقارير
- الإرشادات والتعليمات
- البحوث العلمية
- الملاحظات
- الإعلانات
كل هذه المجالات تتطلب منا استخدام الكتابة الوظيفية بشكل رئيسي وأساسي حتى نتمكن من نقل أفكارنا و معارفنا ونؤدي المهمة المطلوبة منا بشكل صحيح، فهذه المجالات تتطلب تواجد كل سمات الكتابة التي تعرفنا عليها أعلاه من وضوح ودقة وإيجاز ومباشرة حتى يكون تواصلنا فعال ويخدم الهدف.
الكتابة الإبداعية
النوع الثاني من الكتابة هو الكتابة الإبداعية والتي يتناول فيها الكاتب موضوعات متنوعة ومتعددة ربما تكون أقل قيمة من موضوعات النوع الأول ولكن الكاتب يتمكن هنا من إنشاء كيانًا إبداعيًا كاملًا من خلال اللغة المستخدمة.
وعلى الرغم من أن هذا النوع لا يقل أهمية عن النوع الأول (الوظيفية) إلا أن اتقانه يتطلب استعدادات خاصة وقدرات لغوية وعقلية عليا وإلمام جيد من حيث المنظوم والمنثور، حيث تتم الكتابة الإبداعية في إطار من جمال المبنى والمعنى، إلى جانب قدرتها البالغة في التأثير الانفعالي على المتلقي.
ومن الجدير بالذكر هنا إن الأعمال الكتابية الإبداعية لا تولد فجأة وإنما يبذل كتابها الكثير من الجهد حتى تولد أعمالهم مكتملة البناء واضحة القسمات ومسبوقة بالكثير من المراحل والعمليات منذ أن يكون الموضوع مجرد فكرة أو خاطرة ثم تتحول إلى رمز أ صورة وصولًا إلى اللحظة التي تتشكل فيها ضمن أسلوب لغوي مكتمل.
سمات الكتابة الإبداعية
- جدة الموضوع
- الاعتماد على غير المألوف من الأفكار
- إثراء الموضوع بالكثير من التفاصيل
- إشراق الجملة أو العبارة
- الاعتماد على الصورة البلاغية
- بروز عاطفة الكاتب وانفعالاته
- استخدام المحسنات البديعية
- حسن الاستهلال والتلخيص والخاتمة
- انتقاء الكلمات المعبرة عن المعنى المراد
- دقة الربط بين عناصر الموضوع
المجالات
- كتابة الشعر
- الكتابة القصصية
- كتابة المقالة
- كتابة السير
- كتابة المسرح
- كتابة الأساليب الأدبية
في مثل هذه المجالات تستخدم الكتابة الأبداعية والتي غالبًا ما تتناول موضوعات تعبر عن النفس وتهدف إلى تحقيق المتعة والتأثير في نفس القارئ، على عكس الكتابة الوظيفية التي يقتصر دورها على أنها أداة تواصل لتحقيق مطلب أو منفعة ما.
نستخلص من ذلك أن الكتابة الوظيفية هي تؤدي غرضًا حياتيًا تقتضيه حياة الفرد منا كونها تتصل بمطالب الحياة مثل مثل كتابة التقارير والخطابات والرسائل الرسمية.
أما الكتابة الإبداعية فهي أرقى أنواع الكتابة لأنها تحقق المتعة النفسية والعقلية للفرد وتعينه على تنمية مواهبه وصقل مهاراته.