أحدثت الأدوية والعلاجات الحديثة ثورة في تحسين نوعية حياة ملايين الناس حول العالم، وكان للصيادلة الفضل الأكبر في ذلك. ينمو سوق الأدوية بشكل مطرد ويتوسع في مجالات البحث والتطوير، مما يخلق المزيد من فرص العمل للصيادلة المؤهلين. يسلط هذا المقال الضوء على دراسة الصيدلة وتخصصاتها، ويكشف أيضًا عن الطرق والمساقات التي يمكن من خلالها أن تطور نفسك وتتميز في دراسة هذا التخصص وممارسته، متضمناً أيضًا معلومات عن مجالات العمل وفروعه المختلفة.
نظرة عامة
الصيدلة هي فرع من العلوم التي تربط علوم الصحة بعلوم الكيمياء، وهو علم يهتم باكتشاف الأدوية وتطويرها وإنتاجها لعلاج الأمراض المختلفة. وهي واحدة من أقدم المهن الطبية في التاريخ. اشتقت كلمة الصيدلة بالإنكليزية Pharmacy من الكلمة اليونانية Pharmakon والتي تعني دواء. والأدوية هي مواد تستخدم لتشخيص المرض أو الوقاية منه أو علاجه وتخفيف أعراضه. قد تكون من مصدر طبيعي أو صنعي.
عدد سنوات الدراسة وأنواع شهادات الصيدلة
تختلف مدة الدراسة من جامعة إلى أخرى باختلاف النظام الدراسي المعتمد، بعض البرامج الدراسية تمنح شهادة البكالوريوس في الصيدلة B.Parm (اختصارًا لـ Bachelor of Pharmacy)، مدة الدراسة 4 سنوات، قد تكون 5 سنوات في بعض البلدان مثل سوريا والأردن، وتسمى الشهادة حينها بكالوريوس في الصيدلة والكيمياء الصيدلانية.
أما شهادة الدكتوراة في الصيدلة PharmD (اختصارًا لـ Doctor of Pharmacy) تتراوح مدة دراستها بين 6 إلى 7 سنوات، حسب النظام المتبع (في الولايات المتحدة مثلًا، بعض البرامج الدراسية تتطلب مرحلة تحضيرية مدتها 3-4 سنوات، ليدرس بعدها مدة 4 سنوات أكاديمية).
بشكل عام يدرس الطالب خلال السنوات الأولى العلوم الأساسية المتعلقة بالكيمياء وبيولوجيا الحيوان والنبات والتشريح واللغة. أما في السنوات اللاحقة يدرس الطالب بشكل مفصل كل ما يتعلق بالعلوم الصيدلانية من علم الأحياء الدقيقة وعلم العقاقير والأدوية وعلم الأمراض والتكنولوجيا الصيدلانية والصيدلة الصناعية والصيدلة السريرية، كما يتطرق إلى دراسة كيمياء الأغذية وعلم الصحة العامة والحميات، ويوجد أيضاً بعض المواد المتعلقة بالإحصاء الحيوي والبحث العلمي وأخلاقيات المهنة. أما السنة الأخيرة فتكون سنة امتياز، يتدرب خلالها الطالب بشكل عملي في المستشفيات والمراكز الصحية المختلفة.
في معظم الدول، يخضع الصيادلة الخريجون لامتحان معياري يعد شرطاً لأخذهم ترخيصًا بمزاولة المهنة. مثل امتحان ترخيص صيادلة أمريكا الشمالية NAPLEX في الولايات المتحدة.
ما هي وظيفة الصيدلاني؟
يتواجد الصيادلة في الخطوط الأمامية للقطاعات الصحية لضمان حصول الأفراد على الأدوية والعلاجات المناسبة للحالات المرضية المختلفة. حيث يعملون جنبًا إلى جنب مع الأطباء وشركات الأدوية والمجتمع. ويقع على عاتقهم مسؤولية ضمان الممارسات الدوائية الآمنة. تأتي هذه المسؤولية بعد سنوات من التعليم والتدريب السريري، والتي تضمن اكتسابهم للمهارات والمعارف الضرورية اللازمة للعمل في هذا المجال.
يشرف الصيادلة على صرف الوصفات الطبية للمرضى، معتمدين على معرفتهم الواسعة بجرعات الأدوية وآثارها الجانبية والتداخلات المحتملة والأدوية المسببة للحساسية، وما إلى ذلك من التعليمات والنصائح التي يقدمونها للمرضى، والتي من شأنها أن تعزز الصحة العامة وتسهم في الوقاية من الأمراض وزيادة الوعي المجتمعي تجاه القضايا الصحية. يتواجد الصيادلة في قطاعات صحية متنوعة، بدءًا بالصيدليات الخاصة والمشافي، مرورًا بمرافق الرعاية الصحية طويلة الأمد، وصولًا للشركات الدوائية والمؤسسات الحكومية.
ماهي مجالات العمل المتاحة؟
مهنة الصيدلة إحدى المهن واسعة الانتشار ومتعددة فرص العمل بشكل كبير، خصوصا في الدول التي تهتم بمجال الصحة وتملك قطاع صحي متطور، نورد هنا بعض أشهر مجالات العمل المتعلقة بالمهنة:
- صيدلة المجتمع Community Pharmacy
يعمل الصيادلة في الصيدليات العامةعلى صرف الوصفات الطبية للمرضى وشرح طريقة تناول الدواء بالشكل الأمثل، بالإضافة لتحضير التركيبات الدوائية وتقديم النصائح الطبية بما يخص النظم الغذائية وممارسة النشاط البدني، والعديد من النصائح المتعلقة بصحة الفرد. يمكن للصيادلة العمل في صيدلياتهم المستقلة أو في سلاسل الصيدليات، كما يمكنهم العمل أيضًا في صيدليات المراكز الصحية والصيدليات البيطرية.
- الصيدلة السريرية وصيدلة المشافي Hospital & Clinical pharmacy
يعمل الصيادلة السريريون مع الأطباء والممرضين وغيرهم من مختصي الرعاية الصحية لضمان تلقي المريض لعلاجه الأمثل، عبر تحديد الدواء والجرعة المناسبة والتوقيت وطريقة الإعطاء وتحييد التداخلات الدوائية المحتملة. قد تتضمن مسؤولياتهم أيضًا تقييم استجابة المرضى للأدوية الموصوفة، ومتابعتهم للتأكد من أنهم يلتزمون بتناول أدويتهم حتى بعد خروجهم من المشفى، وتقديم المشورة لهم. يعمل الصيادلة السريريين في المشافي والعيادات الطبية ودور العجزة. يخضع الصيادلة العاملون في هذا المجال لسنوات من التدريب السريري، ويتطلب عملهم مهارة في التواصل والعمل مع الفريق.
- التدريس الأكاديمي Academia
يعمل الصيادلة الأكاديميون على تدريب الصيادلة المستقبليين والتدريس في الجامعات المتخصصة بالطب والصيدلة لتهيئة الطلاب وإعدادهم علميًا وعمليًا.
- مخابر الأبحاث Research labs
توظف المخابر البحثية الصيادلة لإجراء الأبحاث العلمية وتطوير أدوية وتدخلات علاجية جديدة. يعمل الصيادلة الباحثون في الجامعات والمراكز البحثية، بالإضافة إلى عملهم في أقسام البحث والتطوير في الشركات الدوائية. يتطلب عملهم هذا سنوات من الدراسة المتخصصة ما بعد المرحلة الجامعية، بالإضافة إلى تدريب مخبري متخصص.
- الصيدلة الاستشارية Consultant pharmacy
يعمل مستشارو الصيدلة على مراجعة الأنظمة العلاجية للمرضى وتعديل الجرعات الدوائية بما يتناسب مع وضعهم الصحي وذلك في مرافق الرعاية الصحية طويلة الأمد (مثل دور العجزة، مرافق التمريض المتخصصة).
- الصناعة الدوائية Industry
تتوفر العديد من فرص العمل للصيادلة في المعامل الدوائية، بدءًا بمجال التسويق (كمندوب علمي مثلًأ) والمبيعات والإشراف على خطوط الإنتاج، وفي مجال الرقابة الدوائية وممارسات التصنيع الجيد GMP، وصولًا إلى المهام الإدارية أو العمل في أقسام البحث والتطوير للصيغ الصيدلانية والمنتجات الدوائية. الخبرة والمؤهل العلمي الجيد متطلب أساسي للعمل في هذا المجال.
- المؤسسات والوكالات الحكومية Government agencies
يشارك الصيادلة الذين يعملون مع الوكالات الحكومية في مجموعة واسعة من المهام، والتي تتضمن إجراء الإحصائيات والدراسات الوبائية، تطوير وإدارة سياسات الرعاية الصحية، مراجعة التطبيقات الدوائية الجديدة والإشراف على عمل المرافق الصحية المختلفة. من المؤسسات الحكومية التي توظف الصيادلة: وزارات ومديريات الصحة، مؤسسات الرقابة الدوائية، المؤسسات العسكرية.
- الرعاية المنظمة Managed Care
يُعنى الصيادلة العاملون في هذا المجال بدراسة ما يسمى الاقتصاد الصيدلاني Pharmacoeconomic، حيث يقوم الصيادلة في مؤسسات الرعاية المنظمة Managed Care Organizations بمجموعة من المهام التي تسمح للمرضى بالحصول على الأدوية المناسبة في الوقت المناسب ومراقبة سلامتهم خلال مدة العلاج وإدارة التكاليف. يعمل معظم الصيادلة في هذا المجال لصالح شركات إدارة الفوائد الصيدلانية pharmacy benefit management، والتي تعمل بالتعاون من الشركات الدوائية لضمان حصول المريض على الأدوية الملائمة بالتكلفة الأنسب.
- يوجد بعض فرص العمل الأكثر تخصصًا مثل: الصيدلة النووية Nuclear Pharmacy، حيث يعمل الصيادلة النوويون على تصنيع الأدوية المشعة للاستخدامات الطبية العلاجية أو التشخيصية. يتطلب هذا المجال معرفة علمية خاصة في التعامل الآمن مع المواد المشعة. يعمل الصيادلة النوويون في المشافي الكبيرة وصيدليات توزيع الأدوية النووية.
ما هو متوسط الرواتب؟
يختلف متوسط الرواتب من بلد إلى آخر ومن وظيفة إلى أخرى، كما يختلف بحسب الدرجة العلمية والخبرة العملية التي يملكها الصيدلاني. يكون متوسط الرواتب مرتفعًا في الدول التي تولي أهمية كبيرة لدور الصيادلة في القطاع الصحي مثل دول أمريكا الشمالية، حيث بلغ الراتب السنوي بالمتوسط للصيادلة في الولايات المتحدة عام 2016 قرابة 121,500 دولار أمريكي. أما في كندا فيبلغ 89,512 دولار كندي. بينما يكون منخفضًا بعض الشيء في الهند وبلدان الشرق الأوسط.
الدراسات العليا
دخول برنامج الدراسات العليا يُمكِّنُك من الحصول على درجة الماجستير والدكتوراه في العلوم الصيدلانية. يقدِّمُ هذا البرنامج للطالب دراسة متخصصة نظرية وتطبيقية في المجال الذي يختاره.
هناك عدة ميزات تجعل من برنامج الدراسات العليا خيارًا ممتازًا لك، أبرزها:
- يمنحك الفرصة لدراسة آخر مستجدات العلم في تخصصك، واكتساب المعرفة والخبرة العملية، والتي تُمكِّنُك من التميز في عملك في المجالات الصحية المختلفة.
- تطوير قدرتك على التعامل مع الصعوبات والمشاكل التي تواجهك في العمل المهني وتمنحك القدرة على حلها مستعينا بالمعرفة والبحث.
- الفائدة المادية، حيث أن حصولك على شهادات عليا يمنحك ترقيات في وظيفتك وبالتالي عائد مادي أكبر.
- يُمكِّنُك من التدريس الأكاديمي في الجامعات، أو العمل في مخابر الأبحاث.
أمثلة عن بعض الدراسات العليا لتخصص الصيدلة
- الصيدلة الصناعية والتكنولوجيا الصيدلانية Industrial Pharmacy and Pharmaceutical Technology
- علم الأدوية والسموم Pharmacology and Toxicology
- الكيمياء الدوائية Medicinal Chemistry
- علم العقاقير وكيمياء العقاقير Pharmacognosy and Phytochemistry
- التقانة الحيوية Biotechnology
- تطوير الأدوية Drug Development
- الصيدلة السريرية Clinical Pharmacy
- علم المناعة والأحياء الدقيقة Microbiology & Immunology
- الصيدلة الحيوية والحرائك الدوائية Biopharmaceutics and Pharmacokinetics
- الرقابة الدوائية Pharmaceutical Quality Control
- التحليل الدوائي Pharmaceutical Analysis
ما هي المهارات التي تحتاجها كطالب صيدلة أو كصيدلاني؟
تقدم لك كلية الصيدلة خلال سنوات دراستك الجامعية الكثير من المعلومات، وتخضعك إلى عشرات الامتحانات لتحصل في النهاية على الشهادة التي تستحقها؛ لكن هناك بعض المهارات المهمة، والتي عليك أن تسعى لاكتسابها لوحدك. اخترنا لك هنا أهم هذه المهارات:
- الحفظ والتذكر: من المهم امتلاك هذه المهارة، لأنه وببساطة أنت أمام الآلاف من الأسماء العلمية والتجارية للأدوية المختلفة، بالإضافة لتأثيراتها الجانبية وتداخلاتها الدوائية. صحيح أن هنالك العديد من التطبيقات والبرامج التي تسهل هذه العملية، ولكن للصيدلاني الدور الحيوي والأهم، فيجب عليه استحضار جميع المعلومات التي درسها وتعلمها خلال حياته، لأنه مسؤول في النهاية عن صحة وسلامة مرضاه.
- التواصل: مهنة الصيدلة بحاجة لشبكة من العلاقات الجيدة، سواءً مع الأطباء وشركات الأدوية، أو مع المرضى والمراجعين. عليك أن تتعلم كيف تتعامل بلطف مع مرضاك وتكسب ثقتهم، لأن هذا ما تمليه عليك أخلاقيات المهنة في المقام الأول، ولأنك بحاجة إلى الكسب المادي والمحافظة على عملك.
- الانتباه للتفاصيل: العمل البحثي وإجراء التجارب المخبرية بحاجة إلى شخص دقيق ومنضبط ويهتم بالتفاصيل والأرقام. كما أن الخطأ في صرف الوصفات الطبية وعدم الانتباه للجرعة أو التداخلات الطبية المحتملة قد ينجُم عنه تبعات خطيرة على صحة المريض.
- القدرة على العمل مع الآخرين: سواءً كنت تناقش خطةً علاجية مع طبيب أو تشرف على الفنيين أو تعطي تعليماتك للممرضة، أو كنت تعمل في مختبر مع مجموعة من الباحثين، فأنت بحاجة لهذه المهارة لتكون قادرًا على التعاون معهم والعمل بتناغم تام.
ما هي أبرز المشاكل والتحديات في مهنة الصيدلة؟
مثل أيّ مهنةٍ أخرى، للصيدلة مشكلاتها وهمومها، والتي تختلف تبعًا لمكان العمل أو النظام الصحي في البلد. أبرز مشاكلها في منطقة المينا (الشرق الأوسط وشمال إفريقيا) هي صغر سوق العمل بالنسبة إلى أعداد الخريجين والممارسين. بالإضافة إلى المسؤولية القانونية التي يتحملها الصيدلاني تجاه الأخطاء التي تنجم عن صرف الوصفات الطبية، والتي غالبًا ما تكون بخط غير مقروء. ولعل الحاجة إلى وجود تشريعات وقوانين تنصف المهنة وتقلل من أعباء الصيدلاني وتحدد مسؤولياته هي من أهم المشكلات في الوقت الحالي.
مواضيع هامة ومرتبطة بمجال الصيدلة
- دليلك إلى مجال المعلوماتية الحيوية Bioinformatics
- تقني حيوي .. كل ما تريدون معرفته وتعلمه
- 5 نصائح لتكون صيدلانيًا متميزًا في سوق العمل
- شهادة البورد الأمريكي في الصيدلة Board of Pharmacy : كل ما تحتاج معرفته
- أهم منصات الكورسات في الصيدلة
- أفضل الدول لدراسة الصيدلة
كيف أتعلم وأطور نفسي أثناء وما بعد المرحلة الجامعية؟
إذا كنت طالبًا جامعيًا أو صيدلانيًا ممارسًا فأنت بحاجة لتطوير مهاراتك وخبراتك، فالعلوم الطبية مجال متغير ومتجدد باستمرار. عملك المستمر على تطوير نفسك يسهم بتميزك في عملك وينعكس إيجابًا على حياتك المهنية. أعددنا لك مجموعة من مصادر المعلومات ومنصات التعليم عبر الانترنت.
دورات مهنية ومساقات تعليمية
تتوفر العديد من المساقات التعليمية في مجال الصيدلة على منصات عالمية. اخترنا لكم بعض أفضل هذه المساقات، والتي ستسهم في إغناء خبرتك العلمية والدوائية.
- Drug Discovery على منصة Coursera
- Essentials of Good Pharmacy Practice: The Basics على منصة Future Learn
- Evidence-Based Medicine in Clinical Pharmacy Practice على منصة Future Learn
- The Science of Medicines على منصة Future Learn
- Your Guide to the Pharmaceutical Industry على منصة Udemy
ومن الضروري الالتحاق ببعض الدورات المهنية التي تضمن لك التميز في عملك كصيدلاني: مثل برامج المحاسبة وإدارة الصيدليات، التسويق الصيدلاني، مهارات التواصل، الاسعافات الأولية والمهارات التمريضية.
مواقع مفيدة
مواقع دوائية تقدم دليلًا كاملًا مفصلًا
مواقع التعليم الصيدلاني المستمر
مواقع هيئات ومؤسسات علمية ودوائية
- Food and Drug Administration FDA
- World Health Organization WHO
- American Pharmacists Association APA
- European Medicines Agency EMA