يجادل كثيرٌ من الناس الذين حققوا نجاحاتٍ في حياتم بأنهم أشخاص محظوظون! إما أنهم أطلقوا مشاريعهم في الوقت الملائم أو أنهم تعرفوا عن طريق الصدفة على شريكٍ جيد ساعدهم على تحقيق أهدافهم… بينما على الوجه الآخر، نجد اناسًا ينسبون النجاح لأنفسهم ويرفضون الاعتراف بالحظ أو مجرد الإيمان به! فهل يمكن بشكل من الأشكال أن يكون الحظ والنجاح متقاطعين في نقطةٍ ما؟ هل هو الحظ أم النجاح من يرسم نجاحاتنا الكبرى وإنجازاتنا التي نفاخر بها؟ هذا ما سنحاول الإجابة عليه.
الحظ، كما يحلو للبعض أن يعرفه، هو العامل الخفي اللي لا يمكننا التحكم فيه، ويدفعنا باتجاه معينٍ دون إرادة منا. وأحد التعريفات التقليدية له هو التقاء الفرصة مع التحضير المسبق. إذًا، يتكون الحظ من عاملين: الأول خفي، وهو الفرصة، لا يمكن التحكم به. أما الثاني ملموس، وهو التحضير، ويمكن عمل شيءٍ ما تجاهه. فالتحضير المناسب يجعلنا جاهزين لاقتناص الفرصة متى ما لاحت في الأفق.
إليك معضلة التعامل مع الحظ: عليك تجاهله تمامًا وعدم التفكير فيه خلال فترة الاستعداد والتحضير، وذلك رغم علمك بوجوده! بطريقة أخرى، عليك أن تؤمن بأن ما يحدد مصيرك ويقرر نتيجتك هو الاجتهاد والعمل الجاد فقط، ونجاحك في الحياة مرتبط بهذا الشيء وحسب! ببساطة، لأنه العنصر الوحيد الذي يمكنك تغييره أو التحكم به. وعندما تأتي الفرصة، تكون مستعدًا لها وجاهزًا لاستغلالها، عندها فقط يكون الحظ حليفًا لك!
لكن الخبر الجيد أنه يمكنك زيادة حظوظك تلك! عليك أن تبقى قريبًا من الفرص من حولك، من خلال التواجد في دوائر العلاقات المهنية التي تتعلق بمجال عملك، والتشبيك مع أصحاب العمل والمتميزين مهنيًا، والمشاركة في الفعاليات المهنية أو العلمية على شبكات التواصل أو على أرض الواقع… وإلا كيف سينتبه الناس لوجودك؟
من المهم أن نتعايش مع حقيقة أن الظروف قد تقف في وجهنا وتجبرنا على تغيير مسارنا، فلا تجري الرياح دائمًا كما تشتهي سفينة حياتنا، ومن غير الممكن أن نفعل شيئًا لنغير هذا الأمر. وكن على يقين تام، أن أي شخص حقق نجاحًا ما في حياته قد حالفه الحظ بطريقة ما، مهما حاول إنكار هذه الحقيقة!
مثلًا، أن تولد في وادي السيليكون لأبويين أمريكيين يملكان ثروة تؤهلك لتلقي تعليمك في MIT أو هارفرد، ثم أن تبدأ مشروعك الريادي برأس مالٍ قدره بضعة ملايين من الدولارات هي صدفة زمانية مكانية سمحت لك بأن تشق طريقك نحو النجاح والثراء وأنت في الثلاثينيات من عمرك! وعلى الطرف الآخر من الكوكب، قد يولد في العالم الثالث شابٌ يفوقك إصرارًا وعزيمة ويعافر ويحارب يوميًا، لكنه لا ينال من الحياة أكثر من رغيف خبزه!
سواءً كنت تدعو هذا العامل بالحظ أو التوفيق أو أيًا كان، عليك أن تدرك أنه لا قيمة للفرص في حياتنا إن لم نكن على أهبة الاستعداد والتحضير لاغتنامها. وأود أن أختم كلامي هذا بخير عبارة قيلت في فقه التوكل: خُذ بالأسباب وكأنها كل شيء، وتوكل على الله وكأنها لا شيء.
المقال مقتبس بتصرف من كتاب “أفكار في رسم المسار المهني”، لمؤلفه: د. فادي عمروش.